زمن الحواسيب الناعمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش أغلب مجتمعاتنا العربية اليوم من حيث لا تدري في زمن اقتصاد المعرفة، حيث الابتكار الذي يحدث تقنيات جديدة في المعلومات، والتكنولوجيا التي ترفع الإنتاجية؛ والإنتاجية التي تزيد سرعة النمو..

من هنا فإن التحدي الكبير الذي نواجهه في قضية المعرفة، لا يقتصر على النقص في إنتاجها، ونوعية هذا الإنتاج، إنما يتعداه إلى الضعف والهشاشة في مكونات البنية الأساسية للمعرفة، وفي هياكلها وإداراتها وأنظمتها، وثقافة العمل السارية فيها. ولعل العلة الحقيقية والواضحة والتي لا تخطئها عين، تكمن في ضرورة بذل جهود حثيثة لتطوير التعليم الجامعي، فبدون هذا الأمر لن نسابق أنفسنا وزماننا ولن ينتظرنا أحد..

لقد انتقلت المصادر الاستراتيجية من الأرض في الزراعة، إلى رأس المال في الصناعة، إلى أن أصبحت المعرفة هي المصدر الاستراتيجي لهذا الاقتصاد، على اختلاف أشكالها وأنواعها، من حيث كونها تعليمية أكاديمية أو فنية أو إبداعية أو سياسية أو إخبارية.

ولعل فكرة الاقتصاد الجديد أصبحت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمؤثرات التقدم التقني على النمو الاقتصادي، وفي ظروف تكامل الاقتصاد وانفتاحه لم تعد هناك حدود جغرافية تفرض نفسها ومشاكلها على أحد، بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة تحدها أصوات الحواسيب الناعمة.

زمن اقتصاد المعرفة يظهر لنا أهمية الحاجة للتعلم المستمر، فالتعلم من المتطلبات الأساسية والجوهرية للحفاظ على قدرتنا في البقاء على تواصل مع كل جديد يبدعه العقل البشري، وما يشهده عالمنا العربي من تطورات، يحتم علينا أن نعي ما يدور من حولنا في ظل اقتصاد المعرفة، ويفرض علينا أن نبني مؤسساتنا لمواجهة أي طارئ قد يداهمنا، بغض النظر عن مصدره وأهدافه.

والواقع أنه لا سبيل إلى ذلك إلا بالعمل الجماعي الجاد والمثمر، والسعي للتحول سريعا إلى الاقتصاد المعرفي، للحفاظ على إدامة النمو والازدهار، خاصة وأن اتساع الهوّة المعرفية، يحرم معظم الدول النامية من المشاركة الحقيقية في الاقتصاد العالمي الجديد، ويعرضها لمخاطر كثيرة، تبدأ بالاقتصاد، وتتسع لتشمل الاستقرار والأمن.

ليس لدينا خيار آخر، وليس لدينا وقت لغير العمل والإنتاج، فإذا لم نبادر سنبقى تابعين وهامشيين، وإذا لم نقم بواجباتنا فسنبقى ضعفاء وغرباء في هذا العالم، عن التيار العريض للحضارة الإنسانية، وسنتعرض للمزيد من الأزمات والتدخلات، شئنا أم أبينا.

Email