فوضى المعلومات

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعيش اليوم عصراً معلوماتياً مثيراً ومختلفاً في كل شيء، فلم يحدث على مر العصور الماضية أن توافرت للناس هذه الكميات الهائلة من المعلومات ومصادرها، ولم يحدث أبداً أن شكّل فرزها تحدياً للناس جميعاً، فالنشر واسترجاع النشر أصبح اليوم سهلاً وممكناً وفي متناول كل فرد تقريباً، ولكن صدقية المعلومات المتاحة هي ما يربك الجميع.

يشعر البعض بأن التدفق المتواصل لمصادر المعلومات الجديدة يشكل عبئاً زائداً على حياتهم الأسرية والاجتماعية، بعد أن دخلت وسائل الإعلام الجديدة إلى غرف النوم والمعيشة والمطبخ، وبدأت تنتهك حرمة البيوت من خلال ساكني البيوت أنفسهم دون دراية منهم، خاصة الأطفال الذين لا يقدرون أهمية الأسرار الخاصة التي تفيض بها تلك البيوت.

إن وفرة المعلومات يمكن أن تؤدي إلى فوضى عارمة للأشخاص الذين يعتمدون صحتها دون تمحيص، فالانتشار السريع لوسائل الإعلام الجديدة خلق فيضاً من البيانات التي لا يمكن التأكد من مصداقيتها بسهولة، فالمغردون في تويتر مثلا، يتلقفون الكثير من المعلومات ويعيدون إرسالها، دون أن يفهموا فحواها وتأثيرها في المجتمع، مما يخلق حالة مضطربة في المعلومة المرسلة.

وعلى الرغم من أنه لا توجد أي وسيلة إعلامية على الإطلاق يمكنها أن تشكل مصدراً مثالياً للمعلومات، فإن اتخاذ قرار حول من الذي يجب أن نثق به، أصبح بالغ الصعوبة أكثر من أي وقت مضى.

مصادر المعلومات الجديدة بدأت تتدفق بشكل لا يتيح للكثيرين التأكد من دقتها، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعية، فقد أصبح من يملك وسيلة الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، كالهاتف النقال أو الكمبيوتر المحمول، قادراً على المشاركة في وسائل الإعلام.

يستخدم الكثيرون حول العالم الآن أدوات جديدة لخلق وسائل إعلام مختلفة وإنتاج مضمون خاص بهم، مستقل عن قنوات الإنتاج التقليدية لوسائل الإعلام، ورغم أن هذه الوسائل أتاحت توافر المعلومات بكثرة حول قضايا وموضوعات نادراً ما كانت وسائل الإعلام التقليدية تتطرق لها.

فإنها ليست متساوية من حيث درجة صحتها ومصداقيتها، فكلما أصبحت وسائل الإعلام أكثر تجزئة تمكنت المعلومات غير الموثوق بها أو الملفقة من شق طريقها إلى ما نقرؤه، ونسمعه، ونشاهده.

يمكن أن تختلف درجة الدقة والنوعية والمصداقية بدرجة كبيرة من مصدر إلى آخر. ففي ظل غزارة الإنتاج الإعلامي، لا تقع المسؤولية على عاتق خالقي تلك المواد، كما يقول المختصون في هذا الشأن، بل أيضاً على المستهلكين للعمل بصورة مسؤولة عند الخوض في غمار وسائل الإعلام الجديدة.

Email