المحلي أولاً وأخيراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

تابعت من بُعد وبإمعان، الندوة النقاشية الخاصة بالمحتوى المحلي وتحوله إلى المنصات الرقمية، وتعريف المعنيين في وسائل الإعلام المختلفة بأهمية تلك المنصات.

وما أثارني أن مثل هذه الندوات ما زالت مادة جديدة تفرد لها مساحات كبيرة في الدول الغربية، وقد وفّق المنظمون باختيارهم هذا العنوان، ففي الوقت الذي كانت دبي تحتضن ندوتها، كانت هناك ندوة مماثلة ملتئمة في برلين تتحدث عن مستقبل المحتوى المحلي وكفاءة وسائل الإعلام في إيصال توقعات الجمهور.

في اعتقادي أن وسائل الإعلام المحلية لديها القدرة والكفاءة على إنجاز محتوى محلي قادر على المنافسة والإبهار والتفوق، ولكن ذلك يحتاج إلى وضع معايير وضوابط مهنية تحكم جودة المادة، ولا تتحكم في فضاء الإبداع الذي دائماً ما يبحث عن مساحات مفتوحة من الحرية المسؤولة.

وعندما نقول جودة المادة، فإننا نتحدث عن الأصل في الرسالة الإعلامية، التي يجب أن تبتعد عن الشوائب والغث والانفلات وكل ما يعكّر صفو المادة وتدفقها، فمحطات الإذاعة والتلفزيون والمطبوعات على اختلافها، بإمكانها إيجاد بنية إلكترونية حديثة وجلب أحدث الأجهزة والأنظمة والأتمتة، لكنها أمام المحتوى المتواضع والقدرات البشرية التي لا تحكّم الفكر، والتي تعمل على إبراز وتوظيف الشكل، وخاصة في المحطات التلفزيونية، فإنها ستظل بعيدة عن الإنتاج المتميز.

جميعاً نعلم أن من شروط النجاح المراهنة على المحتوى المحلي، لأنه يشبهنا ويمثلنا ويظهرنا بشكلنا الحقيقي بعيداً عن التكلف والتمظهر، ولا أخفي عن القراء الكرام إعجابي بالكثير من المواد الغربية التي أُنتجت عن مجتمع الإمارات، والتي غاصت بشكل كبير في تفاصيل مهمة ومفاصل تاريخية ربما يجهلها الجيل الحالي.

أغلب وسائلنا الإعلامية لو عملت على وضع معايير واضحة ومحددة ستقوم ببناء محتوى محلي متميز، وخاصة أن هناك طلباً متزايداً على هذا المحتوى لأسباب كثيرة، منها سمعة الإمارات العطرة ومراهنتها على رسم صورة مختلفة للمستقبل، وثقافة التسامح التي رسختها الإمارات وعززتها قولاً وعملاً، إضافة إلى قدرتها على اختصار الكثير من الأفكار، وتحويلها إلى واقع عملي على الأرض .

Email