تعاون الشركات في التصدي لأزمات عالمنا

أليكس فريدمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن كلمة الأسبوع والشهر، في المرحلة الأخيرة، للأسف، هي أوميكرون، ومع وجود متحور آخر جديد لـ«كوفيد 19» يهمين على عناوين الأخبار فإن تسليط الضوء العالمي على قضايا المناخ بعد مؤتمر الأطراف 26 في المنهقد أخيراً، قد بدأ يتلاشى سريعاً، فالإنسانية عادة ما تركّز على التهديد الأكثر إلحاحاً.

ومع ذلك، فإن استجابتنا للجائحة قد تقدّم خارطة طريق لمواجهة التغير المناخي. إن كلا الأزمتين تنطويان على مأساة تقليدية للعامة، والتي تحدث عندما يتجاهل الأفراد سلامة المجتمع من أجل تحقيق مكاسب شخصية، ولكن رد الفعل العالمي على «كوفيد 19» يظهر أن بعض الأطراف غير المحتملة يمكن أن تتحد وتخاطر بمصالحها الفردية من أجل تسريع تطوير واختبار وتوزيع (على الأقل في العالم الغني) للقاحات ناجحة. إن أزمة المناخ تتطلب مقاربة مماثلة.

إن هناك دعماً متزايداً لفكرة أنه يجب استخدام رأس المال بما يتجاوز مجرد العوائد المالية، حيث انعكس هذا الدعم على الزيادة الكبيرة في الاهتمام بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المتعلقة بالشركات.

إن الأخبار الجيدة هي أن المستثمرين قد بدأوا في المطالبة بشفافية أكبر فيما يتعلق بكيفية إدارة الشركات لدينامية المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، كما أن التنفيذيين ومجالس الإدارة قد بدأوا في تتبع البيانات ذات الصلة من أجل تقديم تقارير للمستثمرين لديهم، فأنت لا تستطيع تغيير ما لا تقوم بقياسه.

إن الشركات الخاصة لا تمثل الغالبية الساحقة من التوظيف ومعظم الناتج المحلي الإجمالي العالمي فحسب، بل تعتمد عليها الشركات العامة كذلك من أجل المدخلات الرئيسية. ولكن يبقى الشيء المفقود هو نموذج اتحاد يجتمع فيه رفقاء غير عاديين لحل مشكلة لا يمكن لأي مجموعة بمفردها أن تعالجها.

لحسن الحظ فلقد كانت هناك جهود واعدة أخيراً للتعامل مع هذه المشكلة، فعلى سبيل المثال هناك مشروع تقارب البيانات البيئية والاجتماعية والحوكمة، وهو عبارة عن مجموعة من مديري الأسهم الخاصة والمستثمرين من الشركاء المحدودين بقيادة مجموعة كارلايل ونظام تقاعد الموظفين العموميين في كاليفورنيا، حيث يعمل هذا المشروع على توحيد مجموعة من مقاييس إعداد التقارير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لمديري الأسهم الخاصة، وبالمثل وضعت جمعية الشركاء المحدودين المؤسسية خارطة طريق للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، وذلك من أجل تحديد أفضل الممارسات لمستثمري السوق الخاصين المهتمين بتعزيز الجهود المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في مؤسساتهم.

إن هذا النظام البيئي الناشئ من الشراكات في الأسواق الخاصة يمثل نهجاً جديداً لجمع بيانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة الدقيقة، والتي تعتبر أساسية في استخدام رؤوس الأموال من أجل التصدي لأكبر التحديات التي تواجهنا، والأهم من ذلك تهدف هذه الجهود إلى التكامل بدلاً من التنافس مع بعضها البعض لتسريع التغيير في الأسواق الخاصة.

لقد شاهدنا في أقل من عامين الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا الحيوية وشركات الأدوية والمؤسسات الأكاديمية والحكومات والمؤسسات والمراكز البحثية، وهي تعمل معاً من أجل تطوير وتوزيع اختبارات ولقاحات «كوفيد 19» وغيرها من العلاجات الحديثة. لقد تحقق هذا الإنجاز المذهل من خلال تجاوز الأقسام التنظيمية والقطاعية التقليدية التي تعمل بشكل مستقل عن بعضها البعض مما يذكرّنا أنه عند مواجهة تهديد وشيك، يمكن أن تتجمع المصالح المتباينة معاً لرسم مسار جديد.

إن الطريق مضاء حيث يجب أن نتبعه الآن للتعامل مع مشكلات أخرى تتعلق بالعامة قبل أن تصبح أكثر مأساوية.

 

* رئيس مالي سابق لمؤسسة بيل وميلندا غيتس

Email