لـم شمل أسرة «العشرين»

باولا سوباتشي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن مشروعات وعلاقات دول مجموعة العشرين، تحتاج غلى تعميق ركائزها لتكون مثمرة بشكل نوعي عالمياً، لكي تفيد هذه المسألة في تحصين علمانا تجاه الأزمات التي تمر به. ومن المؤكد أن دول المجموعة بحاجة لتوثيق علاقاتها وجعلها جوهرية مجدية غاية تمكين قدرتها علاى التصدي لأية أزمات..خاصة في ظل ما يعتريها الآن من بعض الهنات.

إن ما يدعو إلى التفاؤل أن الرئيس الإيطالي، مايكل دراجي متمرس في التعامل مع المطالب والمصالح المتضاربة، وهي البراعة التي شحذها خلال فترة رئاسته للبنك المركزي الأوروبي والتي يستعرضها الآن على رأس الحكومة الائتلافية في إيطاليا. وهو ما يفيد لمنع الخلافات من الخروج عن السيطرة.

ولكن هذا في العموم، ربما لن يكفي، فجميع الدول مطالبة بأن تبادر لحل الخلافات وتجاوز التحديات لتعزيز اللقاء والتعاون من اجل مصلة البشرية، فبغير ذلك مثلاً، لن يتسنى لنا إنهاء جائحة مرض فيروس كورونا 2019، أو معالجة أزمة المناخ المتصاعدة، أو تخفيف حالة الطوارئ المرتبطة بإمدادات الطاقة والتي تهدد بعرقلة التعافي الاقتصادي العالمي، ففي غياب أي من الدول المؤثرةفي المجموعة سيكون ذلك محالاً.

يتعين على القوى كافة في مجموعة العشرين أن تعمل على إقناع أي دولة تتخذ موقفا ما او ترفض المشاركة او تنسحب من مبادرة ما، إقناعها بالعودة. وهذا لا يعني الإذعان لكل مصلحة أو تفضيل من جانب. بل يعني استيعاب احتياجات الدول الاعضاء المتغيرة، مثل الصين على سبيل المثال، حيثما أمكن، خصوصاً وأنها تمر بتحول اقتصادي واجتماعي وتدريجي. كما يعني هذا إعطاء الصين الفضل متى كان نسب الفضل إليها مستحقاً. وهو ما يلزم ان تراعيه أمريكا وسواها من الدول.

الواقع أن الصين بذلت بعض الجهود. كانت إحدى قصص نجاح رئاسة إيطاليا لمجموعة العشرين تأمين عضوية الصين في الإطار المشترك لمعالجات الديون، الذي أُقِـرّ في نوفمبر (الماضي)، لدعم البلدان المنخفضة الدخل المثقلة بديون غير قابلة للاستدامة. في الفترة الماضية، شكلت 12 دولة أول لجنة مشكلة من الدائنين، والتي تولت الصين رئاستها بالمشاركة، لإطلاق المفاوضات مع أثيوبيا، التي تقدمت إلى جانب تشاد وزامبيا بطلب لمعالجة الديون. أغلب ديون هذه البلدان مستحقة لدائنين من القطاع الخاص أو دائنين صينيين.

يدل هذا على أن الصين على استعداد، إذا وجدت السياق المناسب والظروف الملائمة، للتنسيق مع دول أخرى بشأن قضايا بعينها. على سبيل المثال، الصين ليست عضواً في نادي باريس للدائنين السياديين، وهي عازفة عن الانضمام إلى مؤسسات قد تقلل من استقلاليتها في المفاوضات مع دول مجموعة السبع. الصين لديها أيضاً مطالب محددة فيما يتصل بالشفافية والإفصاح. ويتعين على بلدان مجموعة العشرين الأخرى ــ بما في ذلك إندونيسيا، التي ستبدأ رئاستها للمجموعة العام المقبل ــ أن تضع هذا في الحسبان في محاولة إعادة الصين إلى الحظيرة.

أما عن إيطاليا، فقد أبلت بلاءً حسناً خلال رئاستها لمجموعة العشرين عندما قررت مواصلة التركيز على الأهداف المشتركة والحد من تأثير الجائحة على الإجراءات. كما حققت تقدماً ملموساً في التعامل مع قضايا مثل التجارة المفتوحة، والمساعدات الدولية، والمساواة بين النوعين الاجتماعيين. والآن، مع اقتراب رئاستها من نهايتها، يتعين على دراجي أن يعمل على تعزيز هذه العلاقات الشخصية العظيمة الأهمية، وخصوصاً على مأدبة العشاء الخاصة. وكما هي الحال في أي اجتماع للم الشمل، يجب أن ينتهي الحدث بالتقاط «صورة عائلية» للقادة الذين أسعدهم القيام بالرحلة.

 

* أستاذ الاقتصاد الدولي في معهد الملكة ماري للسياسة العالمية التابع لجامعة لندن، وأحدث مؤلفاتها كتاب «تكلفة المال المجاني».

opinion@albayan.ae

Email