أبعاد خطة «البنية التحتية» في أمريكا

مايكل ج. بوسكين

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصر الرئيس الأمريكي جو بايدن على أن مشروع قانون «البنية التحتية البشرية» التي تبلغ قيمته 3.5 تريليونات دولار (5 تريليونات دولار بدون حيل الميزانية) «لا يكلف أي دولار» أي لا شيء بالمرة وبينما يدلي كل رئيس بتصريحات، فإن هذا الكلام الرئاسي لا يراعي دقائق الناحية الاقتصادية. السؤال هنا ماذا ستكون نتيجة الإغراق في مثل هذا التوجه؟

تؤكد إدارة بايدن أنه ستتم تغطية تكاليف الخطة بشكل كامل من خلال الزيادات الضريبية، حيث يبدو أن الإدارة تعتقد أن عجز الموازنة فقط هو الذي يفرض تكاليف (وهو ما يتعارض مع الطرح القائل بأن «العجز غير مكلف» الذي يقدمه «التقدميون الآخرون») ومع ذلك فإن من الواضح منذ فترة طويلة أن مشروع القانون سوف يترك عجزاً يصل لمبالغ كبيرة، والذي يجب تغطيته من خلال الدين وحتى بعد رفع الضريبة.

على أي حال فإن الأمريكيين لا يتفاعلون مع مثل هذا الطرح، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن حوالي النصف يريدون حكومة أقل وضرائب أقل وثلاثة أرباع الأمريكيين يشككون في أن مشروع القانون الذي تصل قيمته إلى 3،5 تريليونات دولار أمريكي سوف يجعلهم في وضع أفضل وربما لم يكن من المفاجئ أن الغالبية الآن غير راضية عن إدارة بايدن.

إن الطلاب يتعلمون في مادة مدخل إلى علم الاقتصاد أن التكلفة الاجتماعية لشيء ما هي عبارة عن قيمة البضائع والخدمات التي كان يمكن إنتاجها بنفس الموارد (العمالة ورأس المال والأرض والطاقة والمواد). عادة يمكن قياس «تكلفة الفرصة» بأسعار السوق وإن كان في بعض الأحيان يتوجب تعديل تلك الأسعار من أجل أن نضع بالاعتبار عوامل أخرى مثل التلوث أو الاحتكار.

من وجهة نظر الاقتصاد الأساسي، فإن هناك ثلاثة أخطاء أساسية في طرح بايدن المتعلق بوجود «صفر تكلفة». أولاً هناك الاقتراح بأن القياس الصحيح للتكلفة هو التأثير على الوضع المالي الفيدرالي. إن مفهوم أن ثروة البلاد تكمن في قيمة الخزانة السيادية قد تم القضاء عليه من قبل آدم سميث قبل 245 سنة، حيث أظهر أن الثروة تأتي من قدرة بلد ما على إنتاج البضائع والخدمات التي يحتاجها الناس ويريدونها وبالنسبة لأي بلد فإن تكلفة الإنفاق الحكومي هي قيمة الفرص الضائعة من تحويل الموارد من القطاع الخاص إلى الحكومة. إن وجود استهلاك خاص أقل واستثمار خاص أقل يؤدي إلى إسكان أقل ومصانع أقل.

ثانياً، لا يمكن اعتبار الضرائب على أنها بدون تكلفة، حيث إنها أيضاً تحول الموارد من القطاع الخاص، مما يعني أنها تفرض تكلفة فرصة، وكما أن ضرائب المبيعات تؤثر بشكل أساسي على الاستهلاك، فإن ضرائب الدخل على الشركات تؤثر على الاستثمار. إن التكلفة هي قيمة خسارة الاستهلاك الخاص وأو الاستثمار.

إن العيب الأساسي الثالث في نهج بايدن هو مفهوم أن التكلفة يمكن قياسها فقط من خلال المبالغ المعنية بالدولار، وفي الواقع فإن تلك المبالغ أعلى بكثير ممّا هو معلن، حيث لا يقتصر الأمر على التكاليف الإدارية وتكاليف الامتثال، ولكن هناك أيضاً الضرر الاقتصادي الذي تسببه الضرائب من خلال تشويه الحوافز، فعلى سبيل المثال تخفض ضرائب الدخل من الحوافز على العمل والتوفير (على الرغم من أن هذا يتم تعويضه جزئياً عن طريق حسابات التوفير المؤجلة للضرائب) وضرائب الشركات تقلل من حوافز الاستثمار ومعدلات الضرائب التصاعدية تقلل من حوافز الاستثمار في المهارات الشخصية.

يدرّس كل فصل اقتصادي تمهيدي أن الضرر الذي تسببه هذه التشوهات يرتفع مع مربع معدل الضريبة واستجابة الأنشطة الخاضعة للضريبة. مضاعفة المعدل يضاعف أربع مرات تكلفة عدم الكفاءة الضريبية (ما يسميه الاقتصاديون خسارة المكاسب القصوى بسبب عدم فاعلية السوق). يأخذ معدل الضريبة الفعلي في الاعتبار جميع الضرائب المفروضة على النشاط.

إن المبالغة السياسية هي شيء متوقع، ولكن مثل الكثير من الأمور الأخرى يبدو أنها قد ازدادت سوءاً وبعواقب أقل. سنكون جميعاً أفضل حالاً لو حذا المزيد من المسؤولين المنتخبين حذو فيوريلو لا غوارديا، عمدة مدينة نيويورك من سنة 1934 إلى سنة 1945، والذي عند اعترافه بالخطأ كان يتفاخر قائلاً:«عندما أرتكب خطأ، فهذا أمر جميل».

 

* أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد وزميل أول في معهد هوفر والرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين لجورج بوش الأب من 1989 إلى 1993.

opinion@albayan.ae

Email