قطاع التكنولوجيا وتعزيز الاقتصاد الصيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا جدال في أن ركائز ومقومات ونتائج الاقتصاد الصيني تدعونا دوما لأن نكون متفائلين به، لكن، ومع ذلك، أصبحت واثقاً من الحاجة لبعض المشروعات التطويرية التي تعضد ركائز هذا الاقتصاد.

وجدير بنا الإشارة هنا إلى أنه، وفي الواقع العالمي الحالي، على الحكومة أن تعي أن سبيل تعزيز الاقتصاد بشكل جذري ونوعي، هو جعل قطاع التكنولوجيا بشركاته الخاصة، شريكا استراتيجياً، فبدون طاقة ريادة الأعمال، سيتم استنزاف العصارات الإبداعية للاقتصاد الصيني الجديد، إلى جانب الآمال في تحقيق طفرة واعدة منذ فترة طويلة من الابتكار المحلي..

وقد اتخذت الحكومة الصينية هدفاً هاماً في قطاع التكنولوجيا الديناميكي، وهو محرك الاقتصاد الصيني الجديد. إن الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً، تدل على مشكلة أعمق، والتي تتمثل في جهود الدولة للسيطرة على طاقة الغرائز الحيوانية. إن الحلم الصيني، رؤية الرئيس شي جين بينغ الطموحة «لدولة اشتراكية حديثة عظيمة»، بحلول عام 2049، قد يكون في مطرح الشكك الآن.

وعلى المعنيين التنبه لمسألة خطيرة تتمثل في عدم إفساح المجال أمام قادة شركات التكنولوجيا، بشكل كبير وموسع، للإبداع والعطاء، فمثلا في وقت مبكر من الشهر التالي، تم إلغاء عرض عام أولي هائل، بقيمة 34 مليار دولار لشركة «آنت غروب»، الشركة الناشئة العملاقة في مجال التكنولوجيا المالية، التابعة لمجموعة «علي بابا»، قبل أقل من 48 ساعة من الإدراج المُقرر.

وبعد خمسة أشهر، تم فرض غرامة ضخمة على شركة علي بابا نفسها، بلغت 2.8 مليار دولار، بسبب انتهاكات مزعومة لمكافحة الاحتكار. وكذا الحال مع شركة «ديدي تشوكينغ». وعلينا هنا، للإنصاف الإشارة إلى أنه هناك أسباب مشروعة تماماً - لحملة الصين المناهضة لأرباب التكنولوجيا.

يُعد أمن البيانات المُبرر الأكثر شيوعاً هذا مفهوم من ناحية، نظراً إلى القيمة العالية التي تضعها القيادة الصينية على ادعاءات الملكية الخاصة بالبيانات الضخمة.

والذي يُعد بمثابة الوقود عالي الأوكتين، الذي يدفعها نحو الذكاء الاصطناعي. لكن لا بد من إيجاد طريقة ما تضمن الحاجيات الوطنية الأمنية وأيضا إبداع وعطاء ونجاح شركات التكنولوجيا وإسهامها في الاقتصاد الوطني.

الصين حققت نجاحات اقتصادية مهمة، وفي العموم، يجب إدراك أن الثقة بين الشركات والمستهلكين، على حد سواء، هي الدعامة الحاسمة لأي اقتصاد. يعتبر الاقتصاديان الحائزان على جائزة نوبل، جورج أكيرلوف وروبرت شيلر، الثقة، بمثابة حجر الأساس لنظرية أوسع حول «الغرائز الحيوانية».

هذا المفهوم، الذي حظي بشعبية كبيرة، بعد قيام جون ماينارد كينز بنشره على نطاق واسع، في الثلاثينيات من القرن الماضي، يُنظر إليه باعتباره «الدافع التلقائي للعمل»، الذي يأخذ الطلب الكلي إلى ما هو أبعد من أسس الدخل الشخصي، أو أرباح الشركات.

كان يعتبر كينز الغرائز، بمثابة جوهر الرأسمالية. وبالنسبة للصين، في ظل نموذجها المختلط للاشتراكية القائمة على السوق، تعمل الغرائز بشكل محدد. تلعب الدولة دوراً أكثر نشاطاً في توجيه الأسواق والشركات والمستهلكين، مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد الصيني رائداً، ولكن أيضاً يتطلب كثيراً من تعزيز الركائز والتطوير.

* عضو هيئة التدريس بجامعة ييل والرئيس السابق لشركة مورغان ستانلي في آسيا، وهو مؤلف كتاب «انعدام التوازن: علاقة الاعتماد المتبادل المَرَضية بين أمريكا والصين».

 

Email