الاقتصاد الأمريكي يحتاج تحفيزاً مالياً إضافياً

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

جلب شهر نوفمبر أخباراً طيبة من «فايزر» و«موديرنا» و«استرازينكا»، التي أعلنت كل منها عن مستويات مرتفعة من فاعلية لقاح (كوفيد 19) الخاص بكل منها. إن الآمال بتوزيع اللقاح في بداية ديسمبر قد دفعت بمؤشرات أسواق الأسهم لمستويات شبه قياسية، ولكن سوق الأسهم لا يعكس بالضرورة الاقتصاد المحلي الحقيقي، فبدون التحفيز المالي فإن التعافي الاقتصادي الجزئي والمتفاوت والمهتز حالياً سيكون في خطر شديد ومع قدوم موجة الشتاء لـ(كوفيد 19)، والتي طالما كانت مصدراً للمخاوف ومع ارتفاع البطالة، نحن نشهد حالياً ما تم وصفه بشكل جيد على أنه «الركود الأكثر تفاوتاً في التاريخ الأمريكي الحديث».

نظراً للتحفيز المالي والنقدي والذي حطم الأرقام القياسية في وقت سابق من العام، فقد تم إحراز تقدم أولي فيما يتعلق بالتعافي الاقتصادي وبشكل أسرع من المتوقع، ولكن النشاط الاقتصادي الإجمالي والتوظيف بقي أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، وبينما تنتهي العناصر الرئيسية للتحفيز المالي خلال الموجة الأخيرة للجائحة فإن التعافي قد بدأ يفقد الزخم وبدون عمل تشريعي، فإن سياسات التحفيز الحاسمة – تعويض البطالة الطارئ المرتبط بالجائحة وتمديد المخصصات، مساعدة البطالة المرتبطة بالجائحة، وقف الإخلاء على مستوى البلاد، التساهل فيما يتعلق بقروض الطلبة على المستوى الفيدرالي – سوف تنتهي بحلول نهاية ديسمبر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من المدن والولايات والتي تواجه فعلياً عجزاً تاريخياً بالموازنة يجب أن تعيد الآن فرض قيود على النشاطات الاقتصادية للتصدي للزيادة الأخيرة في حالات (كوفيد 19)، ونظراً لأن حكومات الولايات مقيدة بقوانين تتعلق بتوازن الميزانية فإن نهاية الدعم المالي الفيدرالي قد جاء في وقت سيئ للغاية.

يتوجب على الكونغرس من أجل تعزيز التعافي المتعثر وبشكل عاجل إقرار حزمة تحفيز مالي جديدة تتضمن دعماً للعاطلين عن العمل وللعاملين الذين تأثروا سلباً وحكومات الولايات والحكومات المحلية التي تواجه عجزاً في الموازنة والشركات الصغيرة التي تقف على حافة الإفلاس، وعلى المدى الطويل سوف تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى مزيد من التمويل والبرامج الجديدة لمساعدة العمال الذين خسروا وظائفهم بشكل دائم (والذين وصل عددهم إلى أربعة ملايين) على التحول لوظائف وقطاعات جديدة.

الأولوية الأولى هي إعادة مخصصات البطالة وتمديد فترة الاستحقاق بالنسبة لأولئك الذين أصبحوا عاطلين عن العمل بسبب الجائحة. إن التأمين ضد البطالة هو واحد من أقوى الأدوات لمواجهة التقلبات الدورية ومن خلال تعزيز الاستهلاك والطلب الكلي، فإن من الممكن توفير ظروف قوية مواتية للتعافي الذي يحتاج إلى كل مساعدة ممكنة ووفقاً لأحدث تقرير عن الوظائف صادر عن مكتب الولايات المتحدة لإحصائيات العمل، فإن هناك 11.1 مليون شخص عاطل عن العمل حالياً - ما يقرب من ضعف إجمالي ما قبل الجائحة، ولا يشمل ذلك 13.9 مليون شخص إضافي تركوا سوق العمل أو عانوا من انخفاض في الساعات أو الأجر، وبشكل عام تضرر ما لا يقل عن 15 % من القوى العاملة من الركود والتعافي البطيء.

إلى جانب تمديد مخصصات البطالة والاستحقاق، فإن حزمة التحفيز المالي يجب أن تتضمن دفعات نقدية مباشرة، والتي يجب أن تستهدف الأسر بشكل أفضل، وكما أشار اقتصاديون في رسالة مفتوحة مؤخراً فإن هذه الطريقة هي واحدة من «أسرع الطرق وأكثرها عدلاً وفاعلية من أجل إعادة العائلات والاقتصاد للمسار الصحيح».

يحتاج الكونغرس كذلك لزيادة التمويل لبرنامج المساعدة الغذائية التكميلية وهو أكبر برنامج مساعدات غذائية للأمريكيين من ذوي الدخل المحدود. إن الطوابير الطويلة على أماكن توزيع الطعام بالمجان في طول البلاد وعرضها ترسم صورة قاتمة لما نسبته 23 % من الأسر – و27،5 % من الأسر مع أطفال – والذين يشهدون حالياً انعدام الأمن الغذائي ونقص الغذاء.

إن هناك حاجة عاجلة كذلك للمزيد من الإقراض المرن وبأسعار معقولة للشركات الصغيرة، وذلك قبل أن تضرب الاقتصاد موجة جديدة من إعلانات الإفلاس، علماً أنه في الفترة من يناير وحتى نوفمبر فإن الشركات الصغيرة العاملة انخفض عددها بنسبة 29 % كما انخفضت الإيرادات بنسبة 32 %. إن الشركات الصغيرة على وجه الخصوص معرضة لتأثيرات استئناف القيود على التجمعات والتجارة. إن تجار التجزئة الصغار والشركات في قطاع الضيافة مثل المطاعم يعوّلون على موسم قوي خلال أعياد الميلاد من أجل المساعدة في التعويض عن خسائر هذه السنة الرهيبة، والآن فإن التوقعات ونحن نتجه لسنة 2021 تبدو قاتمة بشكل متزايد.

أخيراً، من واجب الحكومة الفيدرالية توفير تمويل أكثر سخاءً ومرونة للحكومات المحلية والحكومات على مستوى الولايات.

نظراً لأن معظم الحكومات المحلية وعلى مستوى الولايات لا تستطيع قانوناً إنفاق مبالغ أكثر من إيراداتها، فهي تحتاج إلى تمويل فيدرالي لتغطية الفجوات المالية المتزايدة وبدون ذلك الدعم فإنه لن يتبقى لها خيار سوى رفع الضرائب أو تخفيض الخدمات الأساسية والتوظيف في الصحة والسلامة العامة والتعليم، علماً أن البعض قد بدأ بالفعل عمل ذلك. أن أي من تلك الخيارات سيقوض التأثيرات المعاكسة للدورة الاقتصادية والناتجة عن التحفيز الفيدرالي وبالتالي إضعاف التعافي.

بينما يقوم صناع السياسات بصياغة المزيد من إجراءات التحفيز، يتوجب عليهم تذكر أن أقوى تأثير للأزمة كان على الناس الأكثر ضعفاً، حيث كانت معاناة النساء والعمال الملونين أكبر بشكل غير متناسب. لقد ذكر مختبر السياسات في كالفورنيا أن أكثر من 80 % من العمال السود سعوا للحصول على مخصصات البطالة خلال الجائحة وهو معدل يصل إلى ضعف المتوسط على مستوى الولاية.

على الرغم من فجوات كبيرة في التمويل، فإن كاليفورنيا والكثير غيرها من الولايات والمدن الأخرى تعمل على خطط لضمان مستقبل أكثر مساواة واستدامة ورخاء عندما يتم استخدام اللقاح واحتواء الفيروس. إن تلك الحكومات تستطيع أن تتطلع قدماً للتنسيق مع إدارة بايدن، بينما تسعى لتطبيق منصة سياسات طموحة من أجل «البناء مجدداً بطريقة أفضل» في 2021، ولكن بايدن لن يتولى مهام منصبه قبل شهرين تقريباً والوقت المناسب للتحفيز المالي الإضافي هو الآن، وكلما طالت فترة تردد الكونغرس، زاد الخطر على التعافي وزادت معاناة ملايين الأمريكيين الأقل قدرة على تحملها.

* رئيسة سابقة لمجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي، وهي تعمل حالياً أستاذاً للدراسات العليا في كلية هاس لإدارة الأعمال ورئيس مجلس أمناء مركز بلوم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي.

** شريك رئيسي فخري في شركة ماكنزي وشركاه، وعمل سابقاً كبير المستشارين الاقتصاديين والتجاريين لحاكم كاليفورنيا غافين نيوزوم ورئيس هيئة السكك الحديدية فائقة السرعة في كاليفورنيا.

Email