حزم تحفيز اقتصادي ضرورية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من ترجيح استمرار الغموض المحيط بنتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إلا أن هناك تحسناً في سوق الأسهم، وبشرط أن يتم حسم نتيجة الانتخابات - في أقرب وقت ـ وأن يقبل الناخبان في نهاية المطاف شرعية النتيجة، فإن من المتوقع أن يبقى النشاط التجاري والتفاؤل لدى الأسر قوياً، وفي واقع الأمر فإن المفاجأة الوحيدة هذا الأسبوع هو تقارب النتائج إلى حد كبير في سباق المجمع الانتخابي. إن التأخير في فرز الأصوات كان متوقعاً، وحيوية السوق والميول الاقتصادية الإيجابية تتماشى مع التوجهات السابقة.

لقد كانت الأسواق تأخذ على محمل الجد تنبؤات وسائل الإعلام الرئيسية قبل الانتخابات وعليه توقعت الأسواق، حتى تاريخ 3 نوفمبر، أن نجاح جو بايدن سيكون مؤكداً، وأن الديمقراطيين سوف يستعيدون مجلس الشيوخ ويحافظون على سيطرتهم على مجلس النواب، ولو حصل ذلك لكان من الممكن أن يفسّر الديمقراطيون انتصارهم الساحق على أنه تفويض من أجل تنفيذ أجندة تقدمية ناشطة. إن مثل تلك الأجندة قد تتضمن زيادات كبيرة في الإنفاق العام على البضائع والخدمات (بما في ذلك الصحة والتعليم) وإصلاحات ضريبية وتنظيمية غير صديقة لقطاع الأعمال وسياسات أكثر حمائية فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى خطط شاملة لإعادة توزيع الدخل (بما في ذلك دعم الضمان الاجتماعي ومخصصات البطالة). إن الأسواق كانت لتنظر لمثل تلك الأجندة على أنها أجندة سيئة لتقييم مخاطر الأصول.

والآن وبينما الجمهوريون في طريقهم للمحافظة على سيطرتهم على مجلس الشيوخ، وتحقيق مكاسب مفاجئة في مجلس النواب، فإنه لن يكون هناك تفويض لتنفيذ أجندة ديمقراطية جريئة. إن هذا يعني أن أي سياسات يتم إقرارها يجب أن تحظى ببعض الدعم من الحزبين على أقل تقدير. سوف ينشغل المشرعون بالتفاوض والمساومة فيما يتعلق بإجراءات تحظى بدعم عام مثل الحوافز الدورية الملائمة لقطاع الأعمال. إن الأسواق تنظر لمثل هذا السيناريو عوضاً عن التوقعات السابقة باكتساح الديمقراطيين للانتخابات على أنه سيناريو يدعو للاحتفال.

في واقع الأمر، هناك الكثير من الفوضى والخلل السياسي بما في ذلك قضايا دستورية محتملة وادعاءات بتزوير الانتخابات وتأخير يمتد لأيام وحتى أسابيع، ولكن الكثير مما حصل كان متوقعاً، وذلك نظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال في قلب الجائحة.

لقد كانت هذه الانتخابات انتخابات غير تقليدية بهذا الكم الكبير من أوراق الاقتراع التي تم إرسالها من خلال البريد ومشاعر الضغينة الاستثنائية التي شابت تلك الانتخابات، وعليه فإن من الطبيعي لأحد الأطراف أو الطرفين التعامل مع هذه النتيجة المتقاربة من خلال تساؤلات تتعلق بخرق القواعد والأحكام، ولكن مرة أخرى وطالما أن السلطات ذات العلاقة سوف تعمل على تسوية هذه النزاعات في الأسابيع القليلة القادمة، فإن من المرجح أن الأسواق سوف تتحمل مثل هذا الغموض. إن مثل هذه الأزمة قد تؤدي إلى أمور كثيرة من بينها منع سن قوانين التحفيز المالي التي تشتد الحاجة إليها، والتي تأخرت كثيراً، مما يجعل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مجدداً الخيار الوحيد المتبقي لمواجهة التقلبات الدورية.

على أي حال، فإن النتيجة الانتخابية سيكون لها تأثير إيجابي على الأسواق وتأثير محايد إلى حد ما على الاقتصاد بشكل عام. إن بايدن لم يعلن نفسه كاشتراكي مثل بيرني ساندرز، ومن شبه المؤكد أن يواجه مقاومة من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، وبالإضافة إلى ذلك فإن ستة من أصل تسعة من قضاة المحكمة العليا هم من المحافظين المتشددين. إن من الصعب تخيل تطبيق أجندة غير صديقة لقطاع الأعمال في ظل مثل هذه الظروف، وفي الوقت نفسه فإن حزمة حوافز مالية معتبرة لمواجهة التقلبات الدورية ستكون نتيجة محتومة، وهذا أمر سيكون إيجابياً بالنسبة للأسواق.

* أستاذ زائر للشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا.

** أستاذة الاقتصاد في كلية بيركبيك التابعة لجامعة لندن.

Email