الوقود الأحفوري والطاقة الخالية من الكربون

تشكّل الأزمة المناخية التي يواجهها العالم الآن انعكاساً لأزمة أوسع نطاقاً: الخلط العالمي بين الوسائل والغايات، فنحن نواصل استخدام الوقود الأحفوري، لأننا قادرون على استخدامه (الوسيلة)، وليس لأنه مفيد لنا (الغاية).

في القسم الأعظم من العالَم اليوم، انحرف الغرض من السياسة، والاقتصاد، والتكنولوجيا، فالسياسة يُنظَر إليها على أنها مصارعة على السلطة مسموح فيها بكل شيء، والاقتصاد على أنه اندفاع لا هوادة فيه ولا شفقة إلى الثروة، والتكنولوجيا على أنها أكسير سحري لتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي.

وفي حقيقة الأمر، وفقاً لفرانسيس وبارثولوميو، نحن في احتياج إلى السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا لخدمة غرض أعظم كثيراً من السلطة، أو الثروة، أو النمو الاقتصادي، نحن في احتياج إلى كل هذا لتعزيز رفاهة الإنسان اليوم ورفاهة أجيال المستقبل.

وربما تكون أميركا الأكثر خلطاً وارتباكاً، فالولايات المتحدة اليوم تتمتع بثراء أبعد من الخيال، إذ يعادل كل من دخل الأسرة المتوسطة ونصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي ما يقرب من 60 ألف دولار أميركي، وبوسع الولايات المتحدة أن تحصل على كل شيء، ولكن بدلاً من ذلك، نجد أن ما لديها اليوم هو التفاوت المتزايد في الدخل، وانخفاض متوسط العمر المتوقع، وارتفاع معدلات الانتحار، وانتشار وباء السمنة، وغير ذلك من العلل الخطرة.

وفي العام الماضي، تكبّدت الولايات المتحدة خسائر قدرها 300 مليار دولار بسبب كوارث مرتبطة بالمناخ، بما في ذلك ثلاثة أعاصير ضخمة، وقد ارتفعت وتيرة وحدة هذه الأعاصير بسبب الاعتماد على الوقود الأحفوري، ورغم الثروة والنمو، لكنها تعاني من تراجع الرفاهة.

في مناسبة شهيرة، قارن أرسطو بين نمطين من المعرفة: الدراية الفنية والحكمة العملية، وقد أعطانا العلماء والمهندسون المعرفة الفنية اللازمة للانتقال السريع من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الخالية تماماً من الكربون.

Ⅶأستاذ التنمية المستدامة وأستاذ سياسات الصحة والإدارة في جامعة كولومبيا