أخلاق البحث العلمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنه عام 1946. وعلى أحد جانبي الأطلسي، يتولى محامون أميركيون محاكمة الأطباء النازيين في نورمبرغ بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية - «الأبحاث» المزعومة التي أجريت على السجناء في معسكرات الاعتقال.

وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، في غواتيمالا، تتعمد هيئة الصحة العامة في الولايات المتحدة إصابة السجناء والمرضى النفسيين بعدوى مرض الزهري في «تجربة» أخرى تهدف إلى إنتاج عقاقير فعّالة بدلاً من تلك التي استخدمها الجنود أثناء الحرب التي انتهت للتو.

بعد مرور ثلاثة وستين عاماً منذ إجراء تجارب غواتيمالا، كانت سوزان ريفرباي، وهي مؤرخة أميركية، تفتش في أرشيف لأوراق طبية يرجع إلى أربعينيات القرن العشرين. وكانت على وشك إتمام المهمة النهائية في دراستها التي استمرت عقدين من الزمان لتجارب توسكيجي البغيضة التي أجرتها هيئة الصحة العامة.

لسنوات عديدة، كانت كلمة توسكيجي بمثابة المرادف المتداول للانتهاكات الأخلاقية في مجال البحوث العلمية، حتى أن الرئيس بيل كلينتون اعتذر للأشخاص الذين ظلوا على قيد الحياة ممن خضعوا لهذه التجارب. ورغم صعوبة تصديق هذا، فإن الانتهاكات في غواتيمالا كانت أكثر فظاعة، كما اكتشفت ريفرباي في وقت لاحق.

كشف تقرير صادر في عام 2010 أن المواطنين الأجانب يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع الخاضعين للتجارب السريرية التي تجريها شركات أميركية وباحثون أميركيون. ولقد تفقدت وزارة الأغذية والعقاقير 45 موقعاً فقط من هذه المواقع، أي نحو 0.7%. ولا يوجد ما يشير إلى إصابة مرضى من العالم الثالث عندما تجري التجارب في الخارج ــ باستثناء حالة غواتيمالا .

وبعيداً عن التوصية بإنشاء برنامج حكومي لتعويض مواطني العالم الثالث الذين أضيروا بسبب تجارب، ولكن مع إجراء 70% من كل التجارب على العقاقير بواسطة شركات خاصة الآن، فإن مثل هذه المفاهيم لن تذهب بعيداً فيما يتصل بوضع قواعد تنظيمية أكثر صرامة.

 

* أستاذ متفرغ لأخلاقيات مهنة الطب والعلوم الإنسانية في جامعة لندن

Email