أعيدوهن الآن

ت + ت - الحجم الطبيعي

مر ما يقرب من العام منذ قامت الجماعة المتطرفة الإسلامية بوكو حرام باختطاف 276 فتاة من مدرستهن في بلدة تشيبوك في شمال نيجيريا في الرابع عشر من أبريل 2014. وهذا الأسبوع، سوف أنشر على موقع مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون التعليم العالمي صوراً للفتيات المفقودات.

وأنا أتوقع أن يجد كثيرون هذه الصور صادمة؛ فهي تكشف مدى حداثة سن الفتيات الصغيرات المخطوفات وضعفهن. ففي وقت اختطافهن، كانت أعمار الفتيات تتراوح بين أربعة عشر إلى ستة عشر عاماً. وقد وقعن أسيرات أثناء استعدادهن للامتحانات. وكن يردن أن يصبحن ممرضات وطبيبات ومعلمات. ولكنهن بدلاً من ذلك يقتربن الآن من دخول عامهن الثاني في الأسر.

لهذه الجريمة، وغيرها مثلها، وضع الائتلاف العالمي لحماية التعليم من الهجمات مبادئ توجيهية لحماية المدارس والجامعات من الاستخدام العسكري أثناء النزاع المسلح، والتي تُدعى كافة الدول إلى الالتزام بها في مؤتمر دولي يعقد في شهر يونيو.

وبموجب هذه المبادئ التوجيهية، يتم تصميم المنشآت التعليمية كملاذ آمن يستحق الحماية بنفس الطريقة التي تحمي بها اتفاقيات جنيف مستشفيات الصليب الأحمر. وسوف يصبح اختطاف الطلبة من المدارس «انتهاكاً يستدعي التدخل» ويؤدي إلى الإدراج التلقائي على لائحة المنظمات الإرهابية التي يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة سنوياً إلى مجلس الأمن.

وعلى نحو مماثل، تسعى مبادرة المدارس الآمنة إلى حماية الأطفال حال تواجدهم في المدارس. والواقع أن هذه المبادرة، التي نشأت في نيجيريا في مايو 2014، تنتشر الآن إلى باكستان. ويحظى هذا البرنامج، الذي يعمل على تعزيز التدابير الأمنية في المدارس، بما في ذلك حراس البوابات، وتحسين التحصينات، ومعدات المراقبة، بدعم الحكومات في نيجيريا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

والحاجة إلى مثل هذه المبادرات واضحة. ففي العام الذي مر منذ عمليات الاختطاف في نيجيريا، تزايد عدد الهجمات على المدارس والطلبة في مختلف أنحاء افريقيا وآسيا. لقد أصبحت الاعتداءات على المؤسسات التعليمية جزءاً من نمط شرير مشؤوم. وكان المجرمون الحريصون على اجتذاب الدعاية التي تأتي من انتهاك حياة الشباب الأبرياء مسؤولين عن عشرة آلاف هجوم على المدارس على مدى السنوات الخمس الماضية.

في الأشهر الأربعة الأخيرة، تصاعدت هذه الأعمال الإجرامية. ففي باكستان، قُتِل 132 طالباً في هجوم على مدرسة في ديسمبر. وفي جنوب السودان، يختطف الأطفال من المدارس للخدمة كجنود أطفال. وفي الأسبوع الماضي في كينيا، نفذ مسلحون ينتمون إلى جماعة الشباب الإرهابية الصومالية هجوماً على كلية بالقرب من الحدود الصومالية، فقتلوا 148 شخصاً على الأقل.

شهد يوم السابع من أبريل بداية أسبوع لتحية فتيات المدرسة المختطفات في نيجيريا، والذي سوف يشمل وقفات ومسيرات وتظاهرات وكتابة خطابات والتماسات. وسوف تنظم المدارس في نيجيريا مسيرات تحت راية مسيرة فتيات المدارس العالمية.

وفي الوقت نفسه، سوف تنضم حركة فتيات تشبوك السفيرات التي تشكلت حديثاً ــ والتي تتألف من فتيات مدارس في سن عشرة إلى ثمانية عشر عاما تطوعن بوقتهن ــ إلى حركة سفراء شباب العالم من أجل عالم في المدارس في تنظيم وقفات وصلوات في مئة دولة لدعم الفتيات.

 وفي باكستان، تعتزم الفتيات في المنطقة الخالية من زواج الأطفال، والتي أقامها مركز التعليم والوعي، تنظيم صلاة ووقفة للفتيات النيجيريات. وفي مختلف أنحاء العالم سوف ينظم أعضاء المسيرة العالمية ضد عمالة الأطفال مسيرة للتعاطف معهن.

على مدى عام تقريباً، كان آباء الفتيات المختطفات يستيقظون كل صباح وهم لا يعلمون ما إذا كانت بناتهم على قيد الحياة أو في عداد الموتى، وما إذا كن تعرضن لانتهاكات جنسية، أو إصابات، أو البيع في سوق النخاسة. والعديد من هؤلاء الفتيات انفصلن عن أسرهن لأول مرة في حياتهن. وربما تم تزويج بعضهن بالفعل، أو بيعهن. بل وربما قُتِل بعضهن.

من المؤكد أن مرور الوقت لم يجعل نجاح محاولة الإنقاذ أكثر احتمالا. فقد تعمد الإرهابيون تقسيم الفتيات إلى عدد من المجموعات. وربما يؤدي تحرير مجموعة منهن إلى قتل الفتيات الأخريات.

ومع هذا فإن مظاهر التضامن هذا الأسبوع سوف تستعرض قوة ما يشكل في الأساس نضالاً عالمياً من أجل الحقوق المدنية. ولا ينبغي لنا أن نتخلى عن فتيات تشيبوك أو نهملهن أو ننساهن، وهن في أشد الحاجة إلينا. قبل عام واحد كانت الصرخة التي تردد صداها في العالم هي «أعيدوا إلينا فتياتنا». والآن يتعين علينا أن نضاعف جهودنا لضمان تلبية هذا النداء.

 

* رئيس وزراء المملكة المتحدة ووزير ماليتها سابقاً، ويشغل حالياً منصب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لشؤون التعليم العالمي

Email