كارت أحمر

اختيار الأجنبي علم أم موهبة ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل تعاني الأندية المحترفة لكرة القدم في دولة الإمارات من أزمة احتراف؟ للجواب على هذا السؤال دعونا نتناول جانباً واحداً فقط من منظومة الاحتراف، وهذا الجانب يتمثل في الطريقة التي يتم بموجبها اختيار لاعب أجنبي للعب لأنديتنا المحلية، حيث يعد الكثير منهم أصحاب موهبة متوسطة، وفيهم من يرتقي لمستوى النجومية والـتألق اللافت للنظر بين الحين والآخر.

ولكن ما يحير المراقب المحايد بخصوص حال الأندية في التعاقد مع لاعبين غير مواطنين، هو أن نوعية بعض اللاعبين المواطنين يفوق مستوى الأجانب بمراحل، وتجد بعضهم حبيس دكة الاحتياط والبعض الآخر لا يستطيع إنهاء مباراة كاملة ويوجد تباين كبير في مستواه بين المباريات، ما يثير الشكوك حول أسلوب الحياة الذي يعيشه بعض اللاعبين الأجانب المشهورين، بتمردهم وغياب الانضباط الاحترافي لديهم، لينعكس كل ذلك على أدائهم في الملعب.

فعندما يتعاقد ناد مع عدة لاعبين أجانب خلال الموسم الواحد، ويفسخ عقد بعض اللاعبين بمجرد نهاية الدور الأول من جدول مباريات دوري الخليج العربي، فلابد من وجود خلل ما في عملية اختيار اللاعب، وخلل أكبر في اللجنة الفنية والمدرب الذي اختار اللاعب، والإدارة التي تعاقدت مع المدرب، ولذلك المدرب صاحب مدرسة كروية معينة لا يفصل من عمله بعد موسم، بل يضع خطة تطوير فريق كرة القدم لفترة تمتد بين 10 إلى 15 سنة، تجعل للنادي شخصية كروية تعكس فكره كمدرب.

وما الجدوى من تغيير المدرب وإمكانيات النادي محدودة من ناحية نوعية اللاعبين، وهل من المفترض أن تكون هناك لجنة فنية لاختيار اللاعبين الأجانب ومناقشة خطط اللعب، أم هي صلاحية خالصة للمدرب يحاسب عليها ضمن أدائه الكلي في نهاية الموسم، والمدرب يختار اللاعب الذي يؤدي الأدوار التي تناسب أسلوب لعبه وفلسفته الكروية، أما اللجنة الفنية والإدارة فمن المفترض ألا تتدخل في عملية الاختيار، بل تضع معايير جودة لاختيار اللاعب لا يحيد عنها المدرب، وفق نظام عمل احترافي لا يفسح مجال للأقاويل والتنفع من تلك الصفقات، مع إخضاع اللاعب لاختبارات فحص طبي ونفسي وعقلي شامل.

ففي الكثير من الحالات يكون اللاعب تقنياً على أعلى مستوى، ولكنه لا يملك قدرة التكيف مع نمط لعب هو لا يجد فيه المتعة، وربما لديه مشكلة في كيفية الاتصال والتواصل مع اللاعبين الآخرين والتعايش معهم، فبعض اللاعبين من مباراة واحدة يعلم الجميع أنه سيستقر مع الفريق، ولاعب آخر يحتاج إلى نصف موسم لإظهار قدراته في الأجواء الجديدة، ولكن بعدها يقدم وجهاً مغايراً تماماً.

ولهذا عين المدرب الخبير بجميع الجوانب الفنية والعقلية والنفسية للاعب، تختلف عن رأي الجماهير وإدارة النادي، وهناك لاعب على سبيل المثال ينهار تحت ضغط البيئة المهنية، ولهذه العوامل لا يعد اختيار اللاعب الأجنبي المناسب موهبة فقط، بل فناً وعلماً لا يتقنه الجميع.

Email