كارت أحمر

كلاي في الذاكرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفتى اليافع ابن الاثني عشر ربيعاً يركض خلف الفتى الذي سرق دراجته الهوائية في صيف حار للغاية في مدينة لويزفيل، كنتاكي، في عام 1954، ولكن لم تنجح محاولة كاسيوس كلاي، حيث كان يراقب الموقف من نافذة مركز محلي لتدريب الملاكمة ضابط الشرطة جو مارتن، الذي كان المسؤول عن برنامج الملاكمة في المركز، فنادى الفتى الصغير وهو مبتسم ومردد عليه »من الأفضل صقل مهاراتك في اللكم قبل الانطلاق خلف اللص« لينضم بعدها للمركز.

وتمر السنون ويفوز الفتى اليافع بلقب الوزن الثقيل لمحترفي الملاكمة كأصغر بطل في تاريخ اللعبة وهو في سن 22 سنة..

وحدث ذلك في عام 1964 بعد هزيمة سوني ليستون في ميامي، وقبلها حقق ذهبية دورة الألعاب الأولمبية بروما في وزن خفيف الثقيل وبعد أن أصبح بطلاً للعالم غير اسمه من كاسيوس كلاي إلى محمد علي واعتنق الدين الإسلامي، وإن كان ضمن مجموعة اختلفت حولها الآراء تدعى جماعة أمة الإسلام، إلا أنها رفعت من مستوى الوعي السياسي والاجتماعي لديه ليتركها البطل لاحقاً ويتعرف على الإسلام الحقيقي.

ولا عجب أن يكون الراحل رياضي القرن العشرين وواحداً من أعظم 3 رياضيين على مر التاريخ، ومن الأحداث المهمة في عالم الملاكمة نزاله في عام 1971 ضد جو فرايزر في معركة القرن في ماديسون سكوير غاردن بنيويورك، حيث شاهد تلك المباراة 300 مليون في جميع أنحاء المعمورة، ليهزم البطل لأول مرة وليستعيد لقبه من فرايزر في سنة 1973..

كما لا ينسى تاريخ الملاكمة مباراته مع جورج فورمون في زائير في سنة 1974 وكان محمد بطل العالم للوزن الثقيل 1964-1967، 1974-1978 و1978-1979. وفاز في 56 مباراة، منها 37 بالضربة القاضية، وانهزم في خمس، ولكن أكبر هزائمه كانت ضد مرض الشلل الرعاشي لاحقاً، ليمضي بقية حياته يعاني من تبعات المرض.

ولمحمد مواقف إنسانية رائعة، وله أقوال مشهورة كانت مصدر متعة إعلامية، وبعضها فيه حكمة عظيمة على غرار: »لو فكرت حتى ولو في الأحلام أن تهزمني فعليك أن تستيقظ من حلمك وتعتذر لي«، »الأبطال لا يصنعون في صالات المران، إنما يصنعون من شيء في أعماقهم«، »لقد كرهت كل دقيقة من التدريب، ولكن قلت: لا تستسلم، تعاني الآن وتعيش بقية حياتك بطلاً«، »أنا الأعظم« و»أحلق كالفراشة وألسع كالنحلة«.

ومن أهم محطات حياة الأسطورة رفضه الخدمة في صفوف الجيش الأميركي وهو في قمة مستواه، لتسحب منه رخصة ممارسة مهنة الملاكمة لمدة 4 سنوات. وقال كلاي في مقولة شهيرة له: »لماذا ينبغي أن نرتدي زياً موحداً ونسافر لعشرة آلاف ميل بعيداً عن بلادنا ونسقط القنابل ونفتح النيران على ذوي البشرة الداكنة في فيتنام، في حين يُعامل من يطلقون عليهم (الزنوج) في لويزفيل كالكلاب ويحرمون من أبسط حقوق الإنسان؟« محمد علي.. ارقد بسلام.. فالأبطال لا يموتون في العقول والقلوب.

Email