كارت أحمر

رياضتنا إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشتكي من قلة المواهب وتحول اهتمامات السكان وخاصة الناشئة عن الرياضة المحلية، متناسين أن الرياضة سوق مفتوحة تعتمد العرض والطلب..

فكيف نتوقع أن يشاهد الشاب الصغير أو الطفل مباراة في دورينا المحلي بدلاً من الدوري الإنجليزي، من باب الترفيه والتشويق والعلامة التجارية وتأثيرها في المستهلك، ولماذا نستغرب عدم بروز الدولة في الرياضات الأولمبية والمنافسات الإقليمية، وعندما لا نجد حلاً، نصيح بأعلى صوت التجنيس هو الحل، وكأن الرياضة كسب مؤقت، وليست جزءاً من منظومة نظام كلي للتنمية.

فالتغير الذي حدث في ذوق المشاهد والحياة التي تروق له، في غياب تام لقياس توجهات وميول السكان الرياضية بصورة منهجية، وغياب الاستراتيجيات طويلة الأمد لما نريد أن نحصل عليه من الرياضة، ناهيك عن التحول الطبيعي في نمط وأذواق الأجيال المختلفة، وتنوع مصادر الترفيه هي معضلة حقيقية، وأين هي مراكز التفكير الرياضي لتضع الحلول المناسبة على ضوء الدراسات المحكمة؟

ومن جهة أخرى، فإن عدم جعل الرياضة من أولويات النظام التعليمي، جعل الموهبة نادرة في ملاعبنا، والتطوير لا يأتي إلا بتطوير رياضة المدارس والجامعات وقبلها المراكز الرياضية التي يجب أن تحتضنها الأحياء والمناطق السكنية ويفتح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في هذا الجانب، حتى لا يخلو حي من مجمع رياضي مصغر بأسعار رمزية تتيح للجميع ممارسة الرياضة..

 وتكون في هذه المجمعات مراكز تدريب مختلفة لجميع الرياضات، فتكون حينها الرياضة ثقافة مجتمع يخرج من خلالها الأبطال، بحيث تقام بطولات المجمعات الرياضية وتغطية إعلامية كاملة وإعلام كامل واقتصاد مستقل، يقوم على هذه المنظومة، وتكون تحت رعاية شركة مساهمة عامة يكون للحكومة جزء من ملكيتها، وأما مسألة إدارة المجمعات فتترك للكفاءة الإدارية في القطاع الخاص، وفق مبدأ الربح والخسارة وتنافسية حرة لجذب المشتركين.

الرياضة من أكثر الوسائل نجاعة في مقاومة العديد من الأمراض، وفوائدها عدة تسهم في خفض ميزانية الصرف في الدول، وهي مبادرات وقائية تسهم في حفظ نسبة السكري مثلاً بين الأطفال، وفي عالمنا العربي يحدث العكس، تهمل الرياضة لتصرف المليارات على التشافي من أمراض عدة، كان يمكن تجنبها عن طريق الممارسة المنتظمة للرياضة، وما يرافق ذلك من تغذية، فالرياضة ليست ترفاً وهواية فقط، بل هي علاج وقائي بدنياً ونفسياً.

ومن مقومات نجاح المجتمعات والاقتصاد الكامل، يوظف عشرات الألوف من السكان إذا ما جعلت الرياضة صناعة لها كل مقومات الصناعة الناجحة، وهي ضمن حزمة الدبلوماسية الشعبية التي تستخدمها الدول للتسويق عنها كمنتج رائد، وتقديم نفسها للعالم بصورة رائعة..

وبالتالي كرت أحمر لكل من لا يؤمن بالتخصص في الرياضة، ويتشدق ويطالب بالنتائج أو يوعد بها وهو مدرك تماماً بمحدودية المخرجات، إذا ما استثنينا سباقات الخيل بكل أنواعها، والزوارق السريعة والرماية وإنجازات ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.

Email