كارت أحمر

الوصل أسلوب حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل سنين طويلة كنت ضمن وفد مكون من ستة أشخاص ممثلين للجانب الإماراتي، وعلى الطاولة في الجانب الآخر يجلس وفد الدولة المضيفة، والنقاش كان مثيراً، وفجأة خرج أحد الوصلاوية من الوفد المرافق لنا إلى خارج قاعة الاجتماع وسمعنا بعد دقائق قليلة صرخة مدوية، ورجع الأخ للاجتماع وجاء يهمس في أذني مبتسماً قبل الجلوس، وابتسمت وأنا أقول في قرارة نفسي قبحك الله من مجنون.

سألنا الطرف الآخر ما الخطب، هل جميع الأمور على ما يرام؟ فقلت لهم »نعم وصديقي هنا رزق بمولود جديد بصحة تامة بعد فترة طويلة جداً لم يرزق فيها بطفل«، فصفق الجميع وهنأنا الرجل على المولود ورجعنا للنقاش وانتهى الاجتماع على خير، مع أن صديقنا له »دستة« أطفال.

ولو بيده لتبرع ببعضهم للجمعيات الخيرية، ورسالة لكل من ابتليت بزوج وصلاوي أنصحها بالحصول على كل طلباتها في الدقائق الأخيرة من مباريات الوصل، إن كان مهزوماً بفارق هدف فقط، اطلبي ما تشائين تحصلي عليه ليتخلص منك ويتفرغ لحبه الأول.

فهناك حب غير طبيعي بين الكيان وجمهوره، وزخم جماهيري يتربع مع شقيقه العين الصدارة فيه، مع فارق جوهري أنه لا يحظى بالدعم الذي يساوي قيمته الاقتصادية كمؤسسة..

ولو حصل على نصف ما يحصل عليه الآخرون في الدولة أو الإمارة من دعم إضافي غير حكومي، وطبق الاحتراف الكلي في النادي لكان الرقم واحد في الدولة لعقود طويلة، ونحن نتكلم بعيداً عن العاطفة من ناحية الولاء والحب الجارف للوصل، كعلامة تجارية وارتباط الكرة الجميلة في الإمارات بالوصل، وهي أصول وقيم لا تشتريها المادة، وقد تجعله النادي صاحب أول أو ثاني أكبر قيمة تجارية في الدولة، مع الحاجة الملحة لتجربة الخصخصة الجزئية للأندية للوصول للعالمية.

ولا أعلم ما هو سر حب جماهير الوصل له سواء في الدولة أو خارجها، وأجيال لم تشاهد روعة وصل الماضي وجاءت في زمن النكسة الكروية لمدرسة الفن والهندسة، التي أغلقت أبوابها منذ زمن طويل، وتفتح لشهور وتعود لتغلق أبوابها، ومع ذلك جمهور الوصل يزداد كل يوم والوصلاوي، بغض النظر عن الجنس والسن والمنصب والمنطقة، عندما يتم الحديث عن ناديه تجد تلك اللمعة في عينه والابتسامة اللاإرادية، وعندما يشاهد مباراة لناديه كأنه في خلوة مع الذات، إنه الحب يا رفاق، فالوصل وطن مصغر وقلوب الوصلاوية هي موطن الوصل.

ولا يوجد شك أن الوصل هو »الأرباب الكبير« جماهيرياً في دبي، ولا يوجد بيت في دبي يخلو من مشجع وصلاوي، وكأنه مرض الحصبة لا بد أن يصيب الإنسان مرة في الحياة، وحتى من لم يعشه يراوده الهاجس، ومع العلم أنني في طفولتي لم أكن وصلاوياً ثم هداني الله ورجعت للفطرة الكروية.

Email