وجهة نظر

دموع الكبار وتتويج الأبطال

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتهت القصة... وتوّج البطل برشلونة على عرش دوري رابطة أبطال أوروبا في مباراة مفتوحة وجميلة تواجه فيها أساطير في كرة القدم... ومثلما تكتب قصائد شعر في الفريق الفائز دوماً، إلا أنني سأشذ عن هذه القاعدة لأنني لا أجد غير كلمات المديح والثناء لفريق اليوفنتوس الإيطالي، الذي دحض كل التوقعات، وأظهر واقعيته وصلابته وعناده وتمرسه.

هو الأخطبوط الذي أبقى بصيصاً من الأمل طوال المباراة لفريقه، والقائد الوفي الذي لم يترك فريقه وحيداً عندما نزل للدرجة الثانية رغم صيته كأفضل حراس العالم. تصدٍ خرافي من داني ألفيس في الشوط الأول، وردة فعل رائعة في الشوط الثاني منعت سواريز من إنهاء المباراة باكراً... ارفع رأسك، فأنت من طينة الكبار الأبطال، ويقيني أن ايطاليا واليوفنتوس وجماهير كرة القدم سيعانون كثيراً لإيجاد بديل لجانلويجي بوفون، عندما يتنازل عن شارته ويعتزل الكرة المستديرة.

دموع لم تكن سهلة، لم أستطع هضم رؤيتها على وجنتيه... كل عاشق لكرة القدم لا يملك إلا وأن يرفع قبعته لأسطورة أخرى أمتعتنا كثيراً.. من ينسى دموعه عندما بكى في نهائي بطولة أمم أوروبا 2012، والبارحة عندما دمعت عيناه وبكى، بكت كرة القدم بأسرها وهي تبتسم في نفس الوقت لفريق برشلونة، فريق المتعة في وقتنا الحاضر. أندريا بيرلو، كم تمنيت البارحة ان تحصل على ضربة حرة أمام المرمى، فربما كنت لترسم من خلالها فصلاً جديداً من فصول إبداعك... أدركت البارحة كم كرة القدم جميلة، وكم أنها أجمل بوجود هؤلاء الأساطير، أما عناق بيرلو وتشافي في نهاية المباراة، ففيه من الذكريات واللمسات ما تبقينا نحن الجماهير أحياء «نتنفس» كرة القدم الجميلة.

لا أنكر أنني كنت من المتشائمين بقدرات أليغري عندما استلم دفة اليوفنتوس، وتساءلت من يبدل كونتي بأليغري الذي خرج من الباب الضيق في ميلان، ولكني كنت على خطأ، «فالسيدة العجوز» على يدي أليغري بدت وكأنها قد تناولت «أكسير الحياة»، فعادت شابةً يهابها الجميع. اليغري ألف قبعة ترفع لك على هذا الموسم الرائع.

انتهت عند هذا الحد قصة فريق اليوفنتوس، ونحن بلا شك سنجد فريقاً مختلفاً بدءاً من الموسم المقبل، فبوغبا سيغادر لا محالة لأن الملايين بانتظاره، وتيفيز قد يعود للأرجنتين، ودفاع اليوفنتوس بأكمله تخطى الثلاثين وبحاجة إلى إعادة تأهيل بوجوه شابة، والوسط سيغادره «المايسترو»، وسنكون على موعد مع يوفنتوس جديد مع صافرة بداية الموسم المقبل بلا شك.

صحيح انه لم يسجل، وصحيح ان اليوفنتوس قد قطع عنه «الماء والكهرباء»، إلا أن بصماته كانت واضحة في الأهداف الثلاثة التي سجلها فريقه، تمريرة عرضية ساحرة إلى ألبا في الهدف الأول، اختراق ناجح وتسديدة صدها بوفون ليكملها سواريز، وتمريرة في الثالث من أمام منطقة جزاء فريقه لانطلاقة نيمار من منتصف الملعب... إنه ميسي أيها السادة، الذي ضمن البارحة (وقبل البارحة بكثير) الكرة الذهبية... ولا عزاء للمتنافسين.

وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، وبرشلونة هذا الموسم شكل آخر، وثلاثية الأحلام لم تأت فقط بأقدام ثلاثي الأحلام، ميسي ونيمار وسواريز، بل جاءت بجهد فريقٍ متكامل، ومدرب خيّب كل التوقعات التي تنبأت بفشله... أبطال انجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا خرجوا جميعاً على يد الكتلان.. هو تتويجٌ لا غبار عليه.. تتويجٌ للتاريخ وإنصافٌ للمتعة وكرة القدم!

Email