وجهة نظر

رسائل محمد بن راشد

ت + ت - الحجم الطبيعي

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، هو رجل أنعم الله عليه ببصيرة ثاقبة يستفيد منها في منهجيته الإدارية، وهو فوق ذلك واحد من فئة نادرة من البشر الذين تتحول الرياضة عندهم إلى سلوك يصبغ مسيرته الإدارية والقيادية، بحيث تحتار أيهما القائد: محمد بن راشد الإداري أم محمد بن راشد الرياضي.

 ومن أبرز نتائج هذه الحقيقة القدرة الفائقة لسموه على التجدد والابتكار ومسابقة الزمن، لذلك نجد في فقهه الإداري مقولتين تمثلان درساً نوعياً لكل مهتم بالشأن الرياضي وعلى الأخص القادة والإداريين الرياضيين، واسمحوا لي أن استخدم مقولتي سموه هاتين في مقالتي اليوم لكي أوجه معكم رسالة لن يفهمها إلا الأذكياء من قياداتنا الرياضية.

في المقولة الأولى، يقول سموه ،رعاه الله، : «إن لم تتغيروا ستُغيَّرون»، وهذا مبدأ إداري عظيم لأن القيادي الجامد الذي لا يقدم جديداً ولا يضيف شيئاً إلى اتحاده أو ناديه أو هيئته، سيتحول عملياً إلى عبء، وسرعان ما سيكون موضوعاً لقرار إحالة أو إقالة أو فشل ذريع في انتخابات عامة.

ترى كم من قادتنا الرياضيين سيكون لديهم الشجاعة لفهم هذه المقولة بشكل سليم، والمبادرة إلى اتخاذ قرار موضوعي بالانسحاب بشرف، بدلاً من الاستمرار في التبديل بين «محلك در» و«محلك سر»! من لا ينجز، يا سادة، ولا يعمل، لن يشكره الناس والتاريخ لأنه أتاح المجال لغيره ممن يريدون أن ينجزوا ويعملوا!

أما في المقولة الثانية، فيقول سموه ،حفظه الله، : «أعطينا مهلة سنتين .. ووعدنا المسؤولين الذين لا يحققون الهدف أن نقيم لهم حفل وداع بنهاية هذه المدة». والمهم في هذه المقولة هي مبدأ تحقيق الأهداف، فالأصل أنك تتسلم موقعك الرياضي لكي تحقق هدفاً معيناً أو مجموعة أهداف، وبصراحة: إذا لم تحقق شيئاً، فما الذي يبقيك «كاتم على نفس اللعبة» وجمهورها ولاعبيها؟

وهناك ظاهرة مؤسفة نلاحظها في بعض الاتحادات، وهي نسيان الفارق الطبيعي بين الاتحاد (بصفته الوطنية الجامعة) والنادي (بخصوصيته التنافسية، وخاصة عندما يلعب ضد أندية أخرى)، لذلك ليس مقبولاً أن يكون رئيس أي اتحاد رئيساً فقط للدفاع عن ناديه المفضل والترويج له والاحتفال به، ونسيان مصالح بقية الأندية. الاتحاد هو للإمارات كلها وللأندية كلها، وليس ملكاً شخصياً لأي رئيس اتحاد.

لذلك أتمنى اليوم، ومثلي كثيرون، أن نرى في أجوائنا الرياضية نفساً جديداً، وروحية مختلفة تتناسب مع العصر وتفهم متطلباته، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد سبق عصره عندما قدم هذه المبادئ الإدارية الريادية من سنين، لذلك يصبح من الطبيعي هنا أن نسأل قياداتنا الرياضية «الهرمة»: هل تفهمون رسائل سموه الإدارية، ولا تنسوا أن سموه هو رياضي من الدرجة الأول ويحمل بطولة العالم في رياضة لا تناسب منطقكم الإداري.

لكن كلمة السر في ذلك كله هي الشباب! الشباب يأتون بروح العصر، وبمنطق مختلف، منطق يقوم على تسويق اللعبة والنادي والرياضة، وخذوا الأمثلة من الاتحادات والأندية التي تسلمها الشباب، حيث زاد إقبال المواطنين عليها، ونجحت في تحقيق أهداف وطنية مهمة.

الرياضة اليوم شأن وطني جامع، ولا يجوز أن نبقي أي هيئة رياضية أو اتحاد أو ناد رهينة لرغبة أي شخص في البقاء إلى أبد الآبدين لا يتزحزح، ولا يعمل، ولا يترك خلق الله تعمل.

الرياضة لنا جميعاً، فلا تتركوها أسيرة عند البعض! وسلامة فهمكم أيها السادة الديناصورات!

Email