وجهة نظر

لا يصح إلا الصحيح

ت + ت - الحجم الطبيعي

حسمها الواقع في بطولة اللاواقع، وفازت المانيا باللقب الرابع في بطولة كأس العالم. كان من الظلم ألا يفوز هذا الجيل الألماني الرائع بكأس العالم، والحق يقال إنهم كانوا سحرةً على أرض الملعب، فالكرة معهم لا تعرف المستحيل، وواجهوا منافسين من الأسماء المرعبة كالبرازيل والبرتغال وفرنسا والأرجنتين، وحوّلوهم إلى »نمور مروّضة« لا حول لهم ولا قوة.

سيطر الألمان في المباراة النهائية على الأخضر واليابس، من تمريرات وانتشار ولمسات جميلة وإن كانت بلا فعالية لمعظم الوقت، في حين لجأ المنتخب الأرجنتيني إلى الواقعية، مستغلاً إمكانته، فتكتّل دفاعياً، واعتمد على الهجمات المرتدة، والتي كاد أن يحسمها في مرات عدة لولا رعونة مهاجميه. والحقيقة تقال هناك فرقٌ كبير بين الألماني جوتزة من جهة، وبين بالاسيو وهيجواين من جهة أخرى، فالأول سجل من اول فرصة ومن زاوية صعبة، والمهاجمان الأرجنتينيان أهدرا وهما وجهاً لوجه مع الحارس الألماني...أين أنت يا تيفيز؟ ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

المنتخب الألماني فريق يستحق الاحترام، لا يستسلم ويلعب حتى الرمق الأخير، يملك إصراراً ليس له مثيل بين المنتخبات الأخرى، تلقى ضربات في البطولات السابقة كانت كافيةً للقضاء على أعتى المنتخبات، فخرج من نصف نهائي كأس العالم 2006 على يد ايطاليا بالوقت الإضافي، وخرج من نصف نهائي كأس العالم 2010 بضربة رأسية من الأسباني بويول، وعاد وخرج من نصف نهائي بطولة الأمم الأوروبية 2012 على يد ايطاليا، ولكنه لم يستسلم، فكان يعود في كل مرة أقوى من ذي قبل، وها هو يتوجّ بالنجمة الرابعة بعد أن أذل منتخبات كانت حتى الأمس القريب »بعبعاً« للآخرين، وأعادهم إلى حجمهم الطبيعي.

بطولة اللاواقع أخرجتنا من واقعنا الذي ظنناه أبدياً، فالبرازيل تخرج بفضيحة، واسبانيا تسقط بالقاضية، وانجلترا تغادر غير مأسوفٍ عليها، وايطاليا خرجت من الباب الضيّق، وفرنسا أدّت ما عليها، والبرتغال كانت تلعب »حافية القدمين«...وحدهم الألمان جاؤوا للبطولة من أجل الفوز بها...هي ثقافة مغروسة في عقول وقلوب الألمان، ثقافة تقول »المستحيل ليس في قاموسنا.«

وكلمة أخيرة...لست من الشامتين، ولا أحب الشماتة في كرة القدم...نعم غاب ميسي في المباراة التي احتاجه فيها فريقه، وهو لا يستحق جائزة أفضل لاعب في بطولة كأس العالم 2014 التي أرى أن الفيفا قد ظلم فيها لاعبين مثل الهولندي روبن، والأرجنتيني ماسكيرانو والكولومبي رودريغيز، ولكن عدم فوز ميسي بكأس العالم لا يعني انه فاشل، فهو لا يحتاج لكأس العالم ليثبت أنه من كوكب آخر، وخسارته لكأس العالم ليست نهاية العالم، فهو أسطورة بكأس العالم أو بدونه.

لقد خسر ميسي كأس العالم، ولكن كأس العالم من وجهة نظري خسره هو. قد يكون تقصيراً من ميسي، أو أُخِذَ بجريرة زملائه المهاجمين الذين كانوا خارج »الفورمة« منذ بداية البطولة، أو احتاج لدي ماريا، ولكن خسارة كأس عالمٍ لن تغير على الإطلاق من النظرة التي أدخلها هذا اللاعب في قلوب عشّاق الكرة بلمساته الساحرة وأهدافه الرائعة. قد نحزن لأن هذا اللاعب لم يحمل كأس العالم، ولكننا لا ننكر ان الألمان استحقوها بجدارة. نعم سقط ميسي في يوم الامتحان، ولا شك أن أكثر السعداء بسقوطه حالياً هو البرتغالي كريستيانو رونالدو، فالسباق الآن على لقب أفضل لاعب في العالم قد فتح على أبوابه الواسعة بخسارة ميسي...

الإصابات حرمتنا مشاهدة الممتعين في كأس العالم، من سينسى إصابة دي ماريا؟ او نيمار؟ أو ريبري؟ أو ريوس؟ أو فالكاو...وكنت اتمنى لو أن البطاقة الحمراء رفعت في وجه الإصابات لكي لا تحرمنا متعة أصحاب المهارات....وكل مونديال وأنتم بألف خير....

Email