وجهة نظر

ارحموا عزيز قومٍ ذل

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي مجزرة بكل ما للكلمة من معنى.. مجزرة كانت ضحيتها سمعة المنتخب البرازيلي وتاريخه الذي لطّخ بالتراب والوحل، أما الجزّار فكان المنتخب الألماني الذي لم يرحم ضحيته، ولم يرّف له جفن وهو يمطر مرمى البرازيل بأهداف لم تحمل من »السامبا« إلا ماركتها.

30 دقيقة مجنونة كانت كافيةً لتكون حقبةً سوداء في تاريخ البرازيل، وتسدل الستار على أسوأ فريق برازيلي شهدته بطولات كأس العالم. لم يكن نجوم البرازيل على قدر الحدث، فكانوا نجوماً كرتونية، وأسماء على ورق لم تمتلك المهارات التي تؤهلها للدفاع عن سمعة منتخب بلادها. كان من المفترض أن يكون صراع »الجبابرة«، فإذ به يتحول إلى صراعٍ بين الشخصيتين الكرتونيتين »توم« و»جيري«، والتي أثبتت فيها الألمان أنهم الأفضل حالياً على الساحة العالمية.

منذ أن أتحفنا لاعبو البرازيل بانهمار الدموع منذ اليوم الأول للبطولة، وبعد كل مباراة يلعبونها، أدركت أنه فريق يفتقد الثقة في قدراته.

لا يمكن للبرازيل أن تكون فريق اللاعب الواحد، حتى لو كان من طينة نيمار. ولو تأهل المنتخب الكولومبي بدلاً عن البرازيل، لكان نداً أكثر منهم أمام الألمان. وكما جرت العادة، لم يخيّب هجوم البرازيل توقعاتي، وحافظ المهاجمان »فريد وهالك« على مستواهما المتميز بالصيام أمام المرمى.. وعذراً »فريد«، فلتعزل نفسك في صحراء نائية، أو في غابة الأمازون الأقرب إليك، وتأمل لبرهة أداءك، واعمل خيراً لنفسك والجميع واعتزل كرة القدم بكافة أشكالها، فأنت حتى لا تصلح كصبي الملاعب الذي يلتقط الكرات خلف المرمى.

وكم تمنيت أن ينهي الحكم المباراة من شوطها الأول لا لشيء إلا رأفةً بتاريخ البرازيل. وأستطيع القول الآن وضميري مرتاح بأنه بعد رونالدو، لم يملأ الفراغ أي حاملٍ للرقم 9 في المنتخب البرازيلي. من يفك لغز البرازيل؟ حتى »شيرلوك هولمز« بنفسه سيقف عاجزاً عن تفسير هذه »الجريمة الكاملة« التي جرت على أرض البرازيل.

وإذا ما أردت التحدث عن المنتخب الألماني، فكلماتي لن تكون تقليدية، لأنه بالفعل ليس فريقاً عادياً، بدءاً من حارسه الرهيب والأفضل في العالم حالياً، وانتهاءً باحتياطٍ هجومه الذي يسجل كلما نزل أرض الملعب.

هو منتخبٌ كامل الأوصاف. انضباط وتكتيك عالٍ قلما نشهد مثله، فلم أرى تفاهماً وتناغماً كما رأيت لاعبي المنتخب الألماني أمام البرازيل. فهل أتحدث عن خضيرة الذي لم أره بهذا المستوى من قبل؟ أم عن كروس الذي ملأ الملعب حيويةً؟ أم عن نوير أو »سبايدرمان« كما أسميه؟ أم عن كلوزه الذي لم يكتفِ بإطلاق رصاصة الرحمة على البرازيل من خلال الهدف الثاني (والذي يشبه كثيراً هدف البرازيلي رونالدو في مرمى الألمان بنهائي كأس العالم 2002)، بل قام بأكثر من ذلك بتجريده أسطورة البرازيل رونالدو من لقبه كهدافٍ تاريخي لبطولات كأس العالم.

بهذا المستوى، مبروك لكرة القدم.. مبروك لهذا المنتخب الذي جاء إلى أدغال الأمازون بمهاجم صريح واحد، وها هو يتأهل إلى النهائي مسجلاً في طريقه 17 هدفاً، بالتمام والكمال، والأهم أنه كتب التاريخ في بطولة ستبقى عالقةً في أذهان الملايين.

»الجلاديتور« أو المصارع الألماني شق طريقه إلى النهائي، وضحاياه يشهدون بعلو كعبه، ولكن هل سيفوز بكأس العالم؟؟ سؤال إجابته قريبة، وقريبة جداً.

Email