وجهة نظر

الماكينات الألمانية بحاجة إلى صيانة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 2014. الخبر ليس مفاجأةً لأن الألمان من أكثر المنتخبات ثباتاً في المستوى، وجديةً في الأداء على مر بطولات كأس العالم، وهو منتخب »ثقيل« يتميز بالجدية والإلتزام واللعب الجماعي والمهارات الفنية العالية، ولكن تأهله في كأس العالم الحالية إلى نصف النهائي جاء بعد انتصاراتٍ هزيلة، وأداء غير مقنع.

قد يجادل الكثيرون من أن الأهم تحقق، وهو حتى الآن الوصول لنصف نهائي كأس العالم، ولكنني ما زلت أرى عقدة ناقصة في أداء المنتخب الألماني. صحيح أن الألمان قد »نتّفوا« ريش الديك الفرنسي، إلا أن »الماكينات الألمانية« تبدو »مترهلة« وبحاجة إلى صيانة.

لم يعمل منتخب الماكينات الألمانية بالجودة والكفاءة العاليتين اللتين عودتنا عليهما الصناعات الألمانية الفاخرة، وبعد انطلاقة صاروخية مع البرتغال، انخفض مستواهم في المباراتين مع غانا وأمريكا، لتعود وتعاني مع المنتخب الجزائري في دور الـ 16، وتتأهل بعد وقتٍ إضافي حبس فيه »محاربو الصحراء« أنفاس الألمان وعشاقهم.

قد يكون مستوى الألمانيان هوملز ونوير العلامة المضيئة الأبرز في مسيرة المنتخب في كأس العالم الحالية في البرازيل، فهوملز أثبت أنه من أفضل المدافعين حالياً في العالم بالإضافة إلى تسجيله لهدفين في البطولة، تفوق فيهما على رصيد أهداف المهاجمين البرازيليين فريد وهالك معاً، والإيطالي بالوتيلي، والإنجليزي روني، والأورغوياني كافاني، ولا أدري هل يظلم هوملز نفسه بالاستمرار مع ناديه الألماني بروسيا دورتموند، أم حان الوقت للانتقال إلى أحد عمالقة الأندية الأسبانية أو الإنجليزية.

أما نوير، فإنه ببساطة يكمل مسيرة الحراس الألمان المميزين ، فأداؤه مليء بالثقة والجدية، ووجوده بين الخشبات كافٍ ليلقي الرعب في نفوس المهاجمين، ولا ننسى كيف لعب دور المدافع الأخير لفريقه أمام الجزائر، وردة فعله أمام تسديدة بنزيمة في اللحظات الأخيرة من المباراة مع فرنسا.

أما أوزيل فهو اللغز بحد ذاته، فهذا اللاعب انخفض مستواه كثيراً بعد انتقاله من ريال مدريد إلى الأرسنال، وهو في هذه البطولة الحاضر الغائب، ولم يقدم حتى الآن لمحةً واحدة تذكرنا بأوزيل »أيام زمان«. أما هجوم الألمان فلم يقنعني، ولم تغرني أهداف مولر الأربعة حتى الآن، فهو ليس هدافاً بالفطرة، وليس هو القادر على ترجيح كفة الألمان في المباريات الحاسمة، وتمنيت لو اتيحت الفرصة للاعب بايرن ليفركوزن »كسيلينغ« الذي كان من الممكن أن يعطى فرصةً في هذه البطولة، بدلاً من ان تحتوي تشكيلة الألمان على مهاجم حقيقي واحد وهو كلوزه.

كم تكون كرة القدم ظالمة عندما تحطم آمال المثابرين، وما صورة اللاعب السويسري »ليشنشاتاينر«، وهو يمسك بشباك مرماه بحسرة، ونظرة مليئة بالحزن والحنق بعد هدف الأرجنتيني »دي ماريا«، ولسان حاله يقول »ماذا فعلنا لنخسر بهذه الطريقة؟«، وصورة الجزائري فيغولي وهو يبكي بحرقة بعد الخروج على يد ألمانيا، وصورة النجم الكولومبي جيمس رودريغيز، صاحب الوجه الطفولي والفكر الكروي المتميز وهو يذرف دموع المرارة بعد الخسارة من البرازيل.

كرة القدم ليست رياضة فقط، بل هي أسلوب حياة، حياة مليئة بالمطبات والدموع ولحظات الفرح والسعادة، اسألوا انجلترا عن دموع »بول غاسكوين« في مونديال 1990، واسألوا بيرلو عن دموعه في نهائي يورو 2012، واسألوا أنفسكم عن دموعكم عند خسارة فريقكم، لتعلموا أن كرة القدم عالم بحد ذاته، يخرجك من واقعك، والأهم يعزلك في عالمك الخاص...حقاً هي أسلوب حياة...لمن يحب الحياة...

وسؤال بريء جداً بين السطور...ألا يخجل المهاجمان البرازيليان فريد وهالك وهما يصلان إلى نصف النهائي وفي جعبتهما معاً هدف واحد، في حين ان زملاءهما المدافعين سيلفا ولويز سجلا 3 أهداف؟ بالفعل »اللي اختشوا ماتوا«.

Email