وجهة نظر

وسقط القناع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن سقوط المنتخب الإسباني عادياً.. بل كان دوّيه يصم الآذان ليعلن نهاية حقبة لن تتكرر على الإطلاق في تاريخ الأسبان... هل شعرت بالتعاطف مع الأسبان؟ نعم.. هل توقعت سقوطهم؟ كذلك أجيب بنعم.. هل انتهى المنتخب كمرشحٍ للبطولات القادمة؟ للأسف جوابي أيضاً هو نعم.

لا شك في أن صعود المنتخب الأسباني وإنجازاته ارتبط بالفترة الذهبية لنادي برشلونة.. فاستوحى لعبه من أسلوب «التيكي تاكا» الشهير الذي سحر العالم، وفاز ببطولة كأس العالم 2010، وبطولتي الأمم الأوروبية 2008 و2012، ولكن البارز أن نهاية حقبة برشلونة، ساهمت في وضع المسمار الأخير في «نعش» المنتخب الأسباني، فحتى في بطولة الأمم الأوروبية الأخيرة، وهو نفس العام الذي شهد تراجعاً في مستوى فريق برشلونة، فاز الأسبان دون إقناع في عددٍ من مبارياتهم، فكيف لفريق من دون مهاجم حقيقي ان يمتّع ويقنع. ولكن ما حدث في كأس العالم الحالية، يزيدني يقيناً أنه «إذا كان برشلونة بخير، فالمنتخب الأسباني بخير»، وإلا كيف تفسرون ما يلي:

كانت التشكيلة الأساسية للمنتخب الأسباني تضم في السابق على الأقل 7 ـ 8 لاعبين من برشلونة، اما التشكيلة الأساسية الأخيرة امام منتخب تشيلي، فلم تضم إلا 4 لاعبين من برشلونة.

تراجع مستوى تشافي وانييستا وفابريغاس وبيكيه وبيدرو لعب دوراً أساسياً في سقوط الأسبان، فالملاحظ ان هؤلاء اللاعبين قد «تشبعوا» كرة قدم، ولم يعد هناك من بطولةٍ «تسيل لعابهم»، وبالتالي غاب الحافز عنهم، وكلنا يعلم ان الفوز بحاجة إلى حافز وإرادة ورغبة، وبالتأكيد «الرغبة والحافز» كانا الغائبين الأبرزين عن المنتخب الأسباني ولاعبيه.

كلنا يعلم أن مواكبة التطور والقدرة على التغير والتأقلم جزء أساسي من النجاح، فالنائم على أحلام وبطولات الماضي، سيستيقظ يوماً على الحقيقة المرّة، ولم يدرك ديل بوسكي، مثلما لم تدرك إدارة برشلونة أن الفرق الأخرى المنافسة قد حفظت طريقة لعبهم، وابتكرت حلولاً لمواجهتها، حتى أننا نحن كمشاهدين بتنا نعلم ان المنتخب الأسباني او فريق برشلونة عندما يصل لاعبوه إلى الأجنحة، يتوقفون ويرجعون الكرة إلى الوراء.. فلا ضربات رأسية، ولا خطط اجتهادية، بل دروس آلية حفظناها عن غيب..

غياب المهاجم الصريح قد أضر الأسبان، فكوستا عائد من إصابة، وتوريس وفيا غائبان عن مستواهما المعروف منذ زمن، أما ما لم أفهمه فهو استبعاد لورينتي، مهاجم اليوفنتوس الإيطالي بعد موسم رائع ومتميز، وضم بيدرو الذي كان مع برشلونة واسبانيا «الحاضر الغائب».

سقوط اسبانيا لم يكن مفاجئاً، ولكن المفاجأة كانت في هذا السقوط السريع كأحجار «الدومينو» «للماتادور».. سقوطٌ كان إيذاناً بكشف القناع الذي لم يؤمن الأسبان أنفسهم بوجوده.. رغم وضوحه للجميع.. فسقط القناع، ولا عزاء للأسبان..

وفي ليلةٍ وضحاها، تحول الأورغوياني سواريز من بطل قومي إلى «قاتلٍ عالمي متسلسل»، ينقض على رقاب ضحاياه دون شفقة أو رحمة، فثالث ضحاياه هو الإيطالي كيليني.. الرياضة أخلاق، وإن كان سواريز أحد أفضل مهاجمي العالم حالياً، فإنه بفعلته قد دفن سمعته إلى الأبد في غياهب التاريخ.. سواريز.. لقد سقط قناعك أنت أيضاً.. ارحل عن كأس العالم غير مأسوفٍ عليك!!

Email