أكروبات

«غراسياس» للمبدعين

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقاء "كلاسيكي" تصح رؤيته في كل زمان بفعل من روعته، ذلك الذي قدمه ريال مدريد وبرشلونة ضمن مسلسل "الكلاسيكو" الطويل مساء الأحد.. المباراة الـ168 بينهما في الليغا كانت من الأرقى والأمتع منذ 17 فبراير 1929.. والصفتان ليستا من بنات أفكاري وحدي.

لقاءات العملاقين في السنوات الأخيرة ستبقى عالقه في الأذهان بسبب الحدة والتوتر اللذين بلغا حد الخشونة.. وسيبقى لقاء الأحد محفوراً في الذاكرة، ولكن لسبب مغاير كلياً.. تحفة فنية خالصة، ويكفي أن نحو 15 كرة سددت على المرميين خلال الدقائق الثلاثين الأولى المجنونة، كما كانت منجماً لمكونات البشر بكل ما فيها من إبداعات وأخطاء ومشاعر متباينة.. كانت الابتسامة تحل محل الدمعة، والدمعة محل الابتسامة، في غمضة عين.. أما عن التقلبات فحدّث ولا حرج.

في مباراة بين جبارين لا تجزم: "سيفوز هذا"، بل قل: "هذا أقرب إلى الفوز".. ذلك أن "لمعة" من لاعب كهدف إينيستا والتمريرة التي جاءته من ميسي والهدف الثاني لـ بنزيمة، أو غلطة كتلك التي اقترفها مدافع الريال سرخيو راموس وأدت إلى طرده بعد 65 دقيقة (بطاقته الحمراء الـ19 مع الريال) قد تغير المباراة رأساً على عقب، على كل عاقل أن يحسب حساب خط الرجعة في تخميناته، وأن يكون حكيماً في تصريحاته، مارسيلو ظهير الريال ذكر: "خرجنا برأس مرفوعة وقد خسرنا أمام فريق كبير"، في حين صب زميله كريستيانو رونالدو جام غضبه على الحكم، ونسي أن هذا الأخير كان أقرب إلى حاتم الطائي عندما منحه ركلة جزاء مع أن داني الفيش خاشنه خارج الصندوق.

اعتقدنا أن الريال أقرب إلى الفوز.. وقد خالفنا برشلونة الرأي لأسباب عدة منها طرد راموس ومنها أيضاً أن ميسي لعب للفريق كالعادة في حين لعب رونالدو لنفسه وحسب أنه قادر على حسم النتيجة بمفرده، وقد اعتقدنا أنه تخلص من هذه "العاهة".. أهدى ميسي تمريرة حاسمة وسجل 3 أهداف وقد سبق أن حقق ذلك في 10 مارس 2007 (3-3 في كامب نو).. انفرد بالتالي بصدارة لائحة هدافي الكلاسيكو (متخطياً دي ستيفانو) وله 21 هدفاً في 27 مباراة (لرونالدو 12 هدفاً) مع رقم قياسي آخر هو 12 تمريرة حاسمة.. إلى ذلك، انفرد بالمركز الثاني على لائحة هدافي الليغا على مر التاريخ (متخطياً هوغو سانشيز) وله 236 هدفاً مقابل 251 لتيلمو زارا (من 1940 إلى 1955).. وباعتبار أن النابغة الأرجنتيني لايزال في سن الـ26 فإن "الخير لقدام".

سقط ريال في أرضه 3-4 .. غزارة في الأهداف والفارق هدف واحد.. سبق أن تبادلا الفوز مراراً ولكن بفارق أكثر من هدف: في 13 فبراير 1935 فاز ريال 8-2، وفي 18 سبتمبر 1949 فاز ريال 6-1، وفي 24 سبتمبر 1950 فاز برشلونة 7-2، وفي 4 ديسمبر 1960 سقط برشلونة 3-5، وفي 2 مايو 2009 سقط ريال 2-6.. مرة واحدة سجلت نتيجة 4-3 (وليس 3-4) عندما فاز ريال في 19 اكتوبر 1941.. لذا فإن نتيجة الأحد تاريخية.

 

قبل أن تغفو الريشة:

نام البرشلونيون بفعل مخدر الفرحة، واستعصى ذلك على الرياليين بفعل منبه الأرق.. عموماً، شكراً "غراسياس" للمبدعيْن.

Email