اكروبات

تبذير.. وتقتير

ت + ت - الحجم الطبيعي

إهدار للمال العام.. المصطلح بات على كل لسان في المجتمع الإماراتي الكروي كلما انتقل هذا اللاعب أو ذاك إلى ناد ٍثري مقابل سعر خرافي من دون أن يكون نجماً يشار إليه بالبنان.. تم كل شيء بسرعة صاروخية، ومن دون أي تمهيد، ولذا ارتفعت الصرخة.

مثل هذه الصرخة لا نسمعها في أندية محترفة شكلاً وموضوعاً.. استهجن الفرنسيون، مثلاً، حصول إبراهيموفيتش على راتب شهري يفوق المليون يورو من باريس سان جرمان، أي أكثر من رواتب جميع العلماء الذي يخططون لمستقبل البشرية وآخرهم الدكتور آلن كاربنتييه مبتكر القلب الاصطناعي الحيوي الجديد.. مر الاستهجان مرور الكرام طالما أن إدارة النادي «القطري» لم تخالف القوانين في شيء.. الجهة الوحيدة التي يمكن أن تحاسبها هي اتحاد اللعبة الأوروبي، وعليها أن تثبت له أن إنفاقات النادي لا تتجاوز إيراداته وقادر على تمويل نفسه بنفسه.

في المقابل، نسمع الصرخة إماراتياً لأن الأندية محترفة شكلاً وليس موضوعاً.. الجزء الأكبر من موازناتها يأتي من المجالس الرياضية وبأحجام مختلفة (ولذا هناك أندية ثرية وأخرى فقيرة) وليس من التسويق والاشتراكات وبيع تذاكر المباريات وحقوق النقل التلفزيوني وبيع السلع الخاصة بها ولا سيما قمصان اللاعبين.. والقاسم المشترك بين الإحتراف الصحيح والإحتراف المموه، أي بين الإعتماد على الذات والاعتماد على خزينة الدولة، هو الحصول على الألقاب..

ولتحقيق هذه الغاية فالمطلوب الاستعانة بأفضل المحليين، وباعتبار أنهم نادرون ندرة لبن العصفور ارتفعت أثمانهم بدرجة مبالغ فيها.. وفضلاً عن الندرة يمكن لمحليين عديدين أن يتساءلوا: كثيرون من الأجانب لا يتفوقون علينا في شيء، فلماذا لا تكون أسعارنا قريبة من أسعارهم؟

من الصعب ضبط كل ما يحصل في ضوء المعطيات المذكورة عبر نصوص مكتوبة يتفق عليها الجميع، ولا يمكن أن تلوم أي جهة على هذا الواقع الذي يسر المتهمين بالتبذير ولا يسر له من هم مجبرون على التقتير.

هذا هو واقع كرة القدم بكل غطرستها وجبروتها مقابل واقع كرة السلة بكل تواضعها وخجلها.. شهيدة من بين شهداء كثر.. تستعطي حتى يحضر هذا المتفرج أو ذاك، أياً كانت جنسيته، لمتابعة دورة دبي الدولية.. ولو جاء كل إماراتي من المنتخب أو من الأهلي باثنين أو ثلاثة من أقربائه، أو جاء كل مصري وأردني باثنين أو ثلاثة من أصحابه، لما لاحظنا كل هذه النظافة في المدرجات.. أين هم عشاق اللعبة؟ وأين هم طلبة الجامعات والمدارس الثانوية؟

ويكفي أن المباراة النهائية كانت منقولة تلفزيونياً على قناة لا يشاهدها أحد، علماً بأن ملايين المصريين كانوا ينتظرونها بعدما فرغوا من التصويت على الدستور.. ولذا، ربما، غفلت اللجنة المنظمة عن تقديم درع تذكارية لقناة دبي الرياضية بطاقمها المكون من نحو 35 شخصاً وإن لم تغفل عن تقديم واحدة مثلها لكل صحيفة من صحف الدولة مع أنها كانت ممثلة بزميل واحد.

قبل أن تغفو الريشة

- نسي فريق عجمان ملابسه في النادي ففاز عليه العين بالتغيب 3-صفر في دوري الرديف المخصص للمحترفين الاحتياطيين.. منتهى الاحتراف!!

ترى، هل سنسمع يوماً بفريق نسي لاعبيه في النادي؟

- قضية كوزمين، وبكل ما رافقها من نصوص واجتهادات، دليل على أن المجتمع القضائي الإماراتي أثرى بكثير من المجتمع الكروي الإماراتي.. عموماً، رقي الفكر بكل رجالاته لا يرقى إليه أبداً رقي كرة القدم بكل مكوناتها.

Email