أكروبات

رغي بلا جمارك

ت + ت - الحجم الطبيعي

طيب وبعدين؟ قبل أن تنطلق كأس العالم للناشئين، جلسنا بين أربعة جدران، «ظبّطنا» قعدتنا خلف المكتب، طلبنا فنجان الشاي، لجأنا إلى القاموس والمعجم والمنهل لننتقي بعض ما فيها من عبارات الأدب النفيس في الثناء والمديح والتطبيل، وكذلك في الهجاء والذم والقدح.. وأخيراً وضعنا كلاً من الصنفين في سلة، ولم يبق سوى انتظار النتائج.

ارتسمت النتائج.. رمينا ما في إحدى السلتين، ونقلنا ما تحويه الأخرى إلى شاشة الإنترنت.. كبسنا على عبارة «إنتر» ثم تعرّف الجميع إلى تقييمنا الفني «البنّاء» لما قدمه الأبيض الناشئ في البطولة.. ويا ساتر.

لعنّا «سلسفيل» المدرب، وطالبناه بالبحث عن لقمة العيش في ميدان آخر.. حكمنا عليه بالإعدام مسبقاً وحتى قبل أن يعقد اتحاد اللعبة جلسة المحاكمة.. استرخصنا سفك مصله وأصله وفصله وكأنه لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم.. وما بين عبارة هجاء وعبارة أخرى كنا نستنجد بـ«شفّة» من فنجان الشاي حتى تتلذذ المخيلة وتنضح بالإبداع.. كتبنا وما كتبنا عن المدرب، ويا خسارة ما كتبنا (بالإذن من السيدة فيروز).. حصرنا في شخصه تقييمنا لما تعانيه قطاعات الصغار والكبار من أوجاع، ونحن على بعد كيلومترات من مبنى اتحاد اللعبة، وهناك من كتب وهو على بعد آلاف الكيلومترات.. التقييم واحد، طالما أن الموجود في إحدى السلتين واحد، والنتيجة وحدها مصدر الإلهام فضلاً عن بعض الحواشي والمحاشي كعدد المباريات الاستعدادية للأبيض الشاب ومدة إعداده وكلفتها وما صدر على لسان مدربه من تصريحات.. ولا مانع طبعاً من أن نرش بعض «التريقة» على العنوان الذي اخترناه لتحليلنا «المبجّل».

انتظرنا ردة فعل كبير اللعبة، فما إن جدد ثقته بمدربه حتى استهجنا إصراره على إهدار المال العام، وصرنا ملكيين أكثر من الملك.. نطالبه بالتخطيط تمثلاً بما تقوم به نيجيريا، ونعلم بأن عدد سكان الأخيرة بلغ 170 مليون بني آدم وليس 170 ألفاً، وأن منتخبها دون 17 عاماً أحرز كأس العالم 3 مرات لأن والد كل لاعب لم يتذكر تسجيل ابنه في دوائر النفوس إلا بعد كذا سنة من موعد ولادته.. «ونِعْم القدوة» فعلاً.

وبعد، ما هي النصائح التي قُدمت لتصحيح الاعوجاج وانتزاع الألقاب في المستقبل؟ ما هي المحصلة الإيجابية لما كتبناه؟ نبحث عن الجواب في السلتين معاً فلا نجده.. الأمر ليس من اختصاصنا.. اختصاصنا اختراع فقاقيع الصابون، والانتقاد وليس النقد.. وليس في ميادين «الكورة» وحدها طبعاً.

مكانك راوح، بات قمة غاياتنا طالما أن أقدامنا مربوطة ببولدوزر يسير بعكس اتجاهنا.. نلمس ذلك، ونتيقن منه، ثم نحاول إقناع رجل الشارع أن الغربال قادر على رد أشعة الشمس.. ولو كانت كأس العالم تنتزع من خلال الرغي لانتزعناها منذ زمن بعيد.. هو فن نتقنه، لفظاً وكتابة، ولا يخضع لرقابة الجمارك، لأنها لا تعترف بقيمته أصلاً.

 قبل أن تغفو الريشة

محاكمتان في مصر، أخفهما هماً تلك التي يخضع لها النادي الأهلي.. الجلسة الأولى في جوهانسبورغ أسفرت عن تعادله مع قراصنة أورلاندو بهدف لهدف بعد مباراة تشبه كرة القدم، والذنب ليس ذنب النادي القاهري الذي يفكر كل من فيه، من «التومرجي إلى الريس»، بكل شيء باستثناء كرة القدم.. خبرة الأهلاويين وحدها كانت كفيلة بالتعادل مع فريق «كحيان» يهوى التسديد في المدرجات والتمرير للصبية حاملي الكرة الواقفين خلف خطوط التماس.. وبعد، فماذا عن الجلسة الثانية الأحد المقبل؟

Email