من بعيد

تمرد الأندية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مواجهة فريدة في شكلها ومضمونها تتصاعد هذه الأيام في ساحة كرة القدم المصرية، حول الدوري الذي دخل مرحلته النهائية والحاسمة، وصلت إلى حد التمرد من جانب تسعة أندية، أي نصف عدد الأندية المشاركة، وهي تعكس عدم استيعاب النظم واللوائح وغياب مرجعية كثير من الحقوق الأساسية التي لا خلاف عليها في دول العالم، فقد طالبت الأندية المتمردة بإلغاء الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية، وتبدو المشكلة في تعمد التفسير سيئ النية للنصوص.

لجنة الأندية التي تشكلت قبل عام لإدارة حقوق البث الفضائي والرعاية، تجاوزت اختصاصاتها، وقررت التمرد وإعلان إلغاء الهبوط، والتهديد بعدم استكمال ما تبقى من الدوري لإجبار اتحاد الكرة على تلبية هذه المطالب، بل طالبت في اجتماعها الأخير بوضع نظام دوري 2013/2014 بحيث يضم 22 فريقاً، بإضافة أربعة صاعدين من الدرجة الثانية، وهي القنبلة التي فجرت المشكلة، في توقيت يتزامن مع إعصار الأزمات الدائر ما بين وزارة الرياضة من جهة، واللجنة الأولمبية من جهة أخرى، حول حقوق تنظيم الأندية وانتخاباتها، وفي ظني أن تمرد الأندية التسعة يقترب في مظاهره من حملة التمرد السياسية التي تنتشر في الشارع المصري، دون أن يكون لها أساس دستوري أو قانوني، وإن ما تشهده الحركة الرياضية لا ينفصل عما يحدث في مصر، من قطع للطرق واختطاف للاستقرار والأمن والأمان.

الأندية المتمردة تستند إلى المادة 62 بلائحة اتحاد الكرة، التي تمنح لجنة الأندية الحق في وضع شروط تنظيم المسابقات في الموسم المقبل، وتطرح فكرة زيادة الأندية إلى 22، وهو ما يعني ضمناً إلغاء الهبوط في الدوري الحالي الذي اقترب من نهايته، والتصعيد يأخذ أبعاداً أكثر خطورة، في التهديد بالامتناع عن اللعب بعد فترة التوقف الحالية، والتي تستمر ثلاثة أسابيع، وفى تصوري الشخصي أن اتحاد الكرة هو الأب الشرعي لتنظيم المسابقات، أي وضع الإطار العام وشروط المشاركة من هبوط وصعود، ومن بعد ذلك، يأتي دور لجنة الأندية في تنفيذ هذا الإطار، ووضعه على أرض الواقع، تتحمل أيضاً مسؤولية تنظيم المباريات والجداول وكافة الأمور الإدارية والتسويقية.

وبعيداً عن التطورات المتسارعة، نجد أن اتحاد الكرة يقف في خانة الدفاع عن حقوقه القانونية، ويهدد بالاحتكام إلى الاتحاد الدولي للفصل في قضية مرجعية حقوق الدوري، ويهدد باعتبار الأندية الممتنعة في حكم المنسحبة من المسابقة، وهو مؤشر لخوف الاتحاد من حركة تمرد الأندية التسعة، والغريب أن التواصل بين الجانبين غير موصول، ومن الضروري التوصل لإزالة هذا الخلاف الذي يحركه هلع الأندية من الهبوط، ويعكس أساليب استخدام القوة والعنف والبيانات الغاضبة والتهديدات الجوفاء التي تحولت إلى سلوك معتاد منذ ثورة 25 يناير، واحتقان شديد وكسر للشرعية.

وما يثير الأسى، أن ينتقل الانفلات من روابط الألتراس إلى إدارات الأندية، ويختلط الحابل بالنابل، ولينسحب المحترمون من المشهد.

Email