من بعيد

صفر المونديال يعيد نفسه

ت + ت - الحجم الطبيعي

جمعتني المصادفة مع رهيف علامه احد رموز الكرة اللبنانية في مدينة الأقصر عمق الصعيد المصري قبل خمسة أيام من انتخابات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ، وعلمت منه انه سيتوجه الى كوالالمبور عبر دبي بوصفه واحدا من الأعمدة المؤثرة في حملة يوسف السركال بحكم تاريخه وعلاقاته الآسيوية العميقة وصداقتهما الوطيدة ، وفى جلسة مطولة بالقرب من معبد الكرنك الأثري استمعت منه الى مايدور داخل الغرف المغلقة ووسط كواليس معسكر الشيخ سلمان بن إبراهيم وكشف لي الحجم الحقيقي للدعم الهائل الذي يقدمه المجلس الأوليمبي الآسيوي .

وبقدر تفاؤلي بتوافر معدلات جيدة تضمن للسركال الظفر بالمنصب أو الدخول فى مرحلة ثانية للتصويت ، كانت الصدمة شديدة مما سمعته فقد ابدى الرجل قلقه الشديد وهو يعلم كيف يفكر الآسيوي القادم من وسط وجنوب وشرق القارة تجاه الآسيوي العربي من غرب القارة ، وصدمت بما سمعت حول الاستغلال المكشوف لأجهزة المجلس الأوليمبي والدخول في مساومات يصعب على اتحادات وسط القارة الفقيرة مقاومتها ، وحول الرحلات المستمرة من اقصى الشرق الى استراليا وكذلك منطقة دول ستان الخارجة من مظلة الاتحاد السوفيياتي وكلها سهلة المنال و"اصواتها في الجيب".

الهدف لم يكن السركال بل همام هذا ما فهمته ، اللعبة لها بداية بانتزاع الشيخ سلمان للمنصب ونهايتها بانتقاله عام 2015 الى الشيخ طلال الفهد ، ولم اصدق ما سمعت وتبين أن البرنامج المتقن للسركال لن يكون له التأثير في صندوق التصويت وان المعايير مادية وتمتزج بالسياسة تحت شعارات التغيير والتطوير والتحديث والوعود الحالمة البعيدة عن واقع القارة ، وجاءت النتيجة المفجعة صادمة بكل المقاييس .

وهو ما ذكرني ، مع الفارق في الحالة شكلا وموضوعا، بالصفر الذي حصلت عليه مصر فى سباق استضافة مونديال 2010 والصدمة التي زلزلت المصريين وهزتهم بعنف ، وكان من أسبابها أخطاء جسيمة بل فادحة ارتكبتها الحملة الدعائية من ناحية ، والألعاب القذرة التي مورست خلف الستار وكنت شاهدا عليها بشكل شخصي .

الصفر المصري في المونديال كان محصلة "أخطاء كارثية" من أهمها الاعتماد على ترويج أرقام غير صحيحة والادعاء بامتلاك 13 صوتا عشية التصويت والغياب التام عن التواصل مع أصحاب الأصوات ، وأيضا الاعتماد بشكل مبالغ فيه على وسائل الإعلام المحلية والفضائيات والصحف وهو سلاح يتحول الى قنبلة تنفجر في حاملها إذا لم يتم التحكم فيها .

وتابعت التغطيات الرائعة للفضائيات من كوالالمبور لساعات طويلة مما أعطى انطباعات غير دقيقة عن تفوق السركال ، كما كشفت عن الفارق بين اللقاءات في بهو الفندق المعلنة وبين اللقاءات في الغرف المغلقة بعيدا عن عدسات التصوير ، وفي ظني أن حملة الملف المصري سقطت في هاوية الإعلام المحلي وكانت النتيجة تعبير عن أخطائها الفادحة.

التقديرات التي خرجت من حملة السركال قبل التصويت بساعات تراوحت بين25 أو 27 صوتا ، وفى المقابل كانت تقديرات المعسكر المنافس عالية ، وظهرت مؤشرات الخطر مع التواجد غير الظاهر للشيخ احمد الفهد وكان ذلك مشهدا يوحي بأن الاتصالات والإغراءات مستمرة حتى الدقائق الأخيرة ، وهكذا بدت المنافسة غير متكافئة بين طرف يعمل في العلن وطرف يتحرك في الخفاء بعيدا ويستخدم الإعلام المنافس لهز الثقة لدى الجمعية العمومية .

انتهت اللعبة ولا يستحق يوسف السركال هذه النتيجة الصادمة لكنه على الأرجح دفع وحده ثمن علاقته ووفاءه لمحمد بن همام.

Email