من بعيد

العجوز حياتو ربع قرن رئيساً

ت + ت - الحجم الطبيعي

الضجة الإعلامية المصاحبة لانتخابات الاتحاد الآسيوي، وتحديداً على منصب الرئيس، لا نسمع عنها في أفريقيا، بل لا نشعر بوجود انتخابات، لأنها في الأصل غير موجودة، منذ استقر الكاميروني العجوز عيسى حياتو في مقعد الرئاسة عام 1988، ومنذ ذلك العام والعم حياتو يجدد رئاسته بالتزكية، أي أنه على مدار ربع قرن لم يخض منافسة حقيقية، وهي حقيقة تثير الاهتمام، خاصة أنه بلغ من العمر عتياً، ولم يعد مؤهلاً على الأقل من الناحية الصحية للإمساك بزمام وأعباء قيادة كرة القدم في القارة السوداء.

وبحسبة بسيطة، فإن الشيخ حياتو كما ينادونه في الكاميرون، مستمر على رأس الكاف منذ ست دورات انتخابية، وبدأ الدورة السابعة قبل أيام، وبالتزكية أيضاً، وبهدوء دون ضجيج إعلامي، دون اعتراض من أي اتحاد وطني في تلك القارة، ولا أذكر أنه بذل جهداً، ولو شكلياً، للحصول على تأييد الدول الأفريقية، في شكل زيارات ذات طابع دعائي انتخابي، ولم يعقد مؤتمرات صحافية تحت أي موضوع منذ خمسة عشر عاماً، ولم نعرف أنه استعان بدعم من حكومته في تعزيز سلطاته واستمراره رئيساً، وعلى العكس، فإنه يبدو قابضاً بقوة على موازنة الاتحاد، وهي بعشرات الملايين، ومسيطراً على اللجنة التنفيذية بكل أعضائها.

رغم الصورة الهزلية التي يبدو فيها أحياناً، وعدم مقدرته على استكمال مشاهدة المباريات، واستسلامه للنوم بشكل غريب، وعندما تمرد عليه الصومالي فرح آدو وكشف عن مخالفات مالية فاضحة تدين الاتحاد، قام حياتو بتدميره وإيقافه، وتدبير فضائح دمرته تماماً، وعندما سولت له نفسه أن ينافس بلاتر في رئاسة الاتحاد الدولي، خسر، واعتبرها غلطته الكبرى، وقدم فروض الطاعة له مقابل المكوث على العرش الأفريقي.

الأمر يختلف في انتخابات الاتحاد الآسيوى التي ستجري بعد أيام، وما يحيط بها من تنافس قوي يجعلها نموذجاً يحتذى به، ونظن أن الصراع على منصب الرئاسة تحول إلى مباراة للشطرنج، لن تحسمها إلا لعبة "كش ملك"، وفى قارة متسعة ومترامية الأطراف مثل آسيا، فإن كل الأسلحة تبقى مشروعة، وعلى رأسها الثقل السياسي والاقتصادي للدول، وهو سلاح استحدثه محمد بن همام، وثبت نجاحه، كما استخدمه الألماني باكينباور في جذب الأصوات لاستضافة بلاده للمونديال، ويبدو يوسف السركال مميزاً في سباق الرئاسة، بفضل المكانة الاقتصادية والإعلامية لدولة الإمارات، ولاستخدامه أحدث أساليب الدعاية والترويج من خبراء متخصصين، ومن خلفه فريق عمل وطني يقدم المشورة والدعم الفني والاتصالات اللازمة.

وما نراه من القاهرة، أن المنافسة في انتخابات الاتحاد الآسيوى مشتعلة لأول مرة، بفضل تقارب الفرسان يوسف السركال والشيخ سلمان بن إبراهيم والتايلاندي واراوي ماكودي، إنه سباق لن تحسمه سوى الساعات الأخيرة، وهو ما تفتقده انتخابات الاتحاد الأفريقي التي يحتكرها العجوز حياتو.

Email