من بعيد

حارب أهل للثقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعيد تشكيل مجلس إدارة نادي الوصل، بقرار من سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم، مؤكداً الثقة في عبد الله حارب رئيساً للمجلس ورئيساً لشركة كرة القدم، والمعنى واضح، فهو الابن الوفي لهذه المؤسسة الرياضية ذات التاريخ والمكانة، يقودها مع نخبة منتقاة من أبناء الوصل الأوفياء، سواء من أصحاب الخبرة أو من الشباب الطموح، وهي تشكيلة تهدف إلى إعادة البريق للقلعة الذهبية، التي توهجت خلال الثمانينيات وحصدت البطولات بتفوق واضح، وقدمت للمنتخبات الوطنية الكثير من اللاعبين الواعدين، والذين ساهموا فى زرع البذور الصالحة لكرة الإمارات، وتحولوا إلى نجوم لسنوات عدة، ثم انطفأ التوهج بشكل مفاجئ.

** عبد الله حارب، لمن لا يعرف، تولى منصب الأمين العام لاتحاد الكرة عام 1984، وتزامن مع تولي كارلوس ألبرتو تدريب المنتخب، وشارك فى صياغة لوائح جديدة، وهيكل إداري متطور، وقدم صورة للإداري المتفاني في عمله لم تكن معهودة، وأذكر أنه كان صاحب فكرة شعار الاتحاد الذي كان يحمل رقم 7، رمزاً لإمارات الدولة، وتم اعتماده رسمياً لسنوات طويلة، وفى أحد الأيام، كشف لي عن صورة الشعار قبل التصديق عليه في مقر الاتحاد القديم، المجاور للمستشفى الكويتي بدبي.

وحرص حارب على إبراز شخصية الاتحاد في مواجهة الأندية، وخاض معارك عنيفة لإرساء نظام صارم في إدارة كرة القدم، وتنظيم المسابقات بدقة دون تهاون في الدفاع عن الحكام، ولم يهتز لخسارته سباق رئاسة اتحاد الكرة العام الماضي، وطوى الصفحة مهنئاً السركال بروح رياضية، لم تعد متداولة هذه الأيام.

ولم تكن علاقته مع الإعلام والصحافة خالصة، لصرامته وتكتمه الشديد، وكان مبادراً في تنظيم دخول الصحافيين إلى مقر الاتحاد، ومنع تجولهم داخله لالتقاط الأخبار، ورغم ذلك، احتفظ بعلاقات طيبة للغاية معهم على المستوى الشخصي، وأذكر خلال رحلة المنتخب إلى جدة لخوض تصفيات الأمم الآسيوية عام 1984، أن طلب من مصور البيان محمود الخطيب التقاط صورة خيمة منصوبة في الفندق، وقال لي: الصورة تهمني، وستكون نقطة تحول في حياتي، ولم أفهم، لكن بعد أشهر قليلة، افتتح مشروع البوم العائم مع الخيمة العربية الشهيرة، وكان منعطفاً له دلالته في الترويج السياحي لدولة الإمارات، واستضاف الكثير من المناسبات الرياضية والندوات والحفلات بحفاوة الرياضي الأصيل، وليس التاجر الذي يهدف إلى الربح فقط، وشرفت باستضافة حارب لحفل تكريمي الذي أقامته الجريدة في البوم بعد تطويره وتوسيعه.

وأعتقد أن مهمة عبد الله حارب في هذه المرحلة بالوصل، ستكون محفوفة المخاطر، في ظل تصاعد معدلات الإنفاق على استجلاب اللاعبين الأجانب والمدربين، وجذب اللاعبين المواطنين بأعلى الأسعار، والمطلوب من شركة الوصل تغيير المفاهيم، وزيادة الاستثمار، ودراسة الأخطاء التي حدثت خلال وجود مارادونا مدرباً وشيكابالا لاعباً، منعاً لتكرارها، لكن التحدي الحقيقي أمام حارب سيكون مع مجلس إدارة النادي، لإعادة البريق إلى قطاعات الناشئين التي كان لها الفضل في ازدهار الوصل قبل 30 عاماً، وهو يؤمن تماماً أن الوصل لن ينافس إلا بأبنائه وأحفاده، ولن ينجح إلا بدعم الجانب المظلم من النشاط، أي الأشبال والناشئين، والاستعانة بأصحاب الاختصاص، كما كان يحدث زمان، وفي ظني أنها مهمة صعبة، في ظل مناخ لا يعترف إلا بالمال والمغريات والعقود الضخمة.

نادي الوصل من الأندية القريبة إلى قلبي، ولعله على موعد مع النجاح في زمن الصعاب، وحارب الأصيل.

Email