من بعيد

الحقوق الحائرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استجمع اتحاد الكرة المصري شجاعة افتقدها لسنوات ماضية ليواجه النادي الاهلي الكيان والمؤسسة العريقة بما تملكه من شعبية كبيرة وجيش اعلامي مؤثر، واعلن تمسكه بسلطته فى تنظيم مسابقة كأس مصر من كل الجوانب ومنها امتلاكه لكافة الحقوق التسويقية والادارية والمالية سواء فى قمصان الفرق او اللافتات الاعلانية او تذاكر الدخول ولو ان الاخيرة لا قيمة لها فى ظل اقامة المباريات بدون حضور كامل.

اتحاد الكرة الذي تصورناه ضعيفا مثل المجالس السابقة التى ترأسها سمير زاهر "شفاه الله"، يقف بقوة امام الاندية من اجل تطبيق النظام الذي كان معطلا بفعل فاعل لمجاملة الاهلي اكثر المستفيدين من حقوق الرعاية، وتصاعد الخلاف بعد ان اتفق مع راع رئيسي ينافس الراعي الرئيسي للاتحاد، وظهرت المؤشرات فى الدوري الماضي الذي لم يكتمل بامتناع الاهلي عن المشاركة فى المؤتمرات الصحافية تحت شعار الراعي، واستمرت المشكلة فى الدوري الحالي مع الاهلي فقط الذي تمسك بالتعاقد الذي ابرمه مع راعيه ويتضمن شروطا جائرة اعتقد انها لن تجد مقاومة من مجلس ادارة جمال علام فى تطبيقها.

وفي ظني ان المشكلة تكشف عن قصور شديد فى الحركة الرياضية المصرية، فمرجعية حقوق الرعاية والتسويق تم حسمها فى العالم وتحديد ملكيتها وضوابط الشراكة بين الاتحاد والاندية ونسب توزيع الحصص المالية، لكننا فى مصر مازلنا نتعثر ونختلف ونختلق المشاكل فى أمور تجاوزها الاخرون، وأرى ان عدم وضوح الحدود وغياب قانون ينظم تداول حقوق الرعاية من اهم اسباب المشكلة التى كان مقدرا لها ان تشمل اندية اخرى كالزمالك اذا تعاقد مع راع مغاير مثل الاهلي وهو امر وارد طالما الساحة تفتقد القانون، واذا كنا نؤيد سلطة الاتحاد فى تنظيم مسابقة كأس مصر بحقوق التسويق وكافة تفاصيلها، فاننا لا نؤيد مغالاته في العقوبات التي تصل الى خصم مليون جنيه من المخالف اذا وصل للمباراة النهائية، وكان يجب التنسيق مع الاهلي مبكرا ليكون مستعدا لمواجهة المأزق.

نلتمس للاهلي العذر نسبيا فقد تعاقد مع الراعي عام 2011 وحصل بموجبه على 135 مليونا خلال 4 سنوات وهي صفقة غير مسبوقة فى تاريخ التسويق المصري المتواضع اصلا، لذلك تنازل الاهلي بسخاء للشركة الراعية عن حقوق يمتلكها واخرى لا يمتلكها مثل المؤتمرات الصحافية وقمصان اللاعبين فى الكأس وغير ذلك، وكان حسن حمدي رئيس النادي وهو احد فقهاء التسويق والاعلانات مدركا لتجاوزات العقد، لكنه لم يتردد فى الحصول عليه متصورا انه سينتصر فى اي مواجهة مع اتحاد الكرة الخاضع دوما للاهلي والزمالك، ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان فتوقف النشاط عقب حادث ستاد بورسعيد، فاهتزت العلاقة بين النادي والراعي الذي توقف عن سداد الصفقة لعدم وجود مباريات، وعندما استؤنف الدوري وجاء اتحاد يرأسه صعيدي لا يخضع للاندية، كان الاهلي مضطرا لتنفيذ عقد رعايته خوفا من الشروط الجزائية، ومن هنا تفجرت قضية الخلاف مع الاتحاد.

وسواء استجاب الاهلي او انسحب فان مرجعية الرعاية ستظل قائمة الى ان يصدر قانون الرياضة الغير وارد العام الحالي لعدم وجود برلمان ليبقى العالم فى واد ونحن فى واد آخر.

Email