من بعيد

رائحة المونديال

ت + ت - الحجم الطبيعي

التواجد في بطولات كأس العالم تبقى حلماً يراود الدول "القادمة من الخلف " بلغة كرة القدم، وتظل أمنية مطلوبة غالية القيمة ليس بهدف المنافسة على المراكز الأولى بل لمجرد المشاركة والظهور مع الكبار في ميدان رياضي تسلط عليه عيون العالم ، وتحقق مكاسب سياسية وسياحية واقتصادية ليس لها حدود ، والفوز الأخير الذي حققه المنتخب المصري على زيمبابوي وسط ظروف تمر بها مصر تبدو حالكة وغير مواتية ،وأيضا الفوز الإماراتي على أوزبكستان يدفعنا الى الحلم العزيز المنال.

ولا أنسى حواراً أجريته مع الأخ الصديق أحمد الفردان عندما كان يشغل منصب أمين السر العام لاتحاد الكرة خلال تصفيات كأس العالم عام 1997 ،وتضمن عبارة لم تغب عن ذاكرتي بقوله "إنه يكاد يشم رائحة التأهل إلى مونديال فرنسا 1998"، وأراد أبو راشد منها امتصاص غضب الرأي العام عقب خسارة المنتخب أمام كوريا الجنوبية ورفع معدلات التفاؤل لدى اللاعبين والجماهير ، وشحن بطاريات الإرادة ،وان يؤكد للإعلام أن الأمل في تحويل الحلم إلى حقيقة قائمة ، ولكن لم يمض شهر حتى خرج الفريق الذي كان يدربه وقتها المدرب البرازيلي لوري ساندري ، وتحمل الفردان الكثير من الانتقادات اللاذعة بسبب تلك العبارة التي صرح بها وسط أجواء غضب عارم ، وتحمل الكثير من الموجات العاصفة بشجاعة تسجل له كمسؤول رياضي له مكانته وثقله في مسيرة كرة الإمارات.

** تذكرت هذه الواقعة بعد حصول منتخب مصر على النقطة التاسعة في مشواره بالتصفيات واقترابه من التأهل الى المرحلة الختامية وشعرت أني " أكاد أشم رائحة مونديال البرازيل 2014" ،خاصة أن الكرة المصرية حققت إنجازا آخر في نفس التوقيت بتأهل منتخب الشباب تحت 20 عاما الى مونديال الشباب بتركيا، ووصل الى نهائي بطولة إفريقيا المقامة في الجزائر حاليا .

و يحدث ذلك في ظل "أوضاع موجعة" تثير الأسى لما يشهده الوطن من انقسامات، وسيطرة طاغية من فصيل وتفشي الغضب والاحتقان بما يهدد سلامة الاقتصاد وتماسك المجتمع ، وسط ذلك لم أشعر بفرحة المصريين بما تحققه فرقها الرياضية من إنجازات، ولم أجد الحلم في الوجوه الحزينة المهمومة بمستقبل يبدو غامضا ولا يكشف عن مؤشرات للانفراج .

وفي ظني أن الرياضة المصرية تعيش واقعا بالغ الصعوبة ، فالمباريات تقام من دون جماهير، وبالكاد يتم السماح لأعداد محددة بالحضور لتفادي عقوبات الاتحاد الدولي ، وتم نقل مباراة ودية قبل أيام بتعليمات أمنية من القاهرة الى الإسكندرية قبل موعدها بخمس ساعات، وهي قصة لها دلالتها التي يلحظها أي متابع ، كما تحقق المنتخبات الوطنية نجاحاتها في الوقت الذي تحول مقر اتحاد اللعبة الى إطلال من الجدران المحترقة بعد حادث التخريب الذي تعرض له في إطار الفوضى الجامحة دون أن تجد من يوقفها.

ومازالت عبارة الأستاذ أحمد الفردان في الذاكرة واعتبرها من أجمل العناوين الصحافية رغم انه دفع الثمن غاليا لما كان يحلم به في ذلك الوقت ، ومنه أدركت قيمة الحلم وضرورة أن يحلم الإنسان ،ويعمل على تحويل الحلم الى واقع حتى لو في المجال الرياضي.

Email