من بعيد

تقنين الالتراس

ت + ت - الحجم الطبيعي

يجب الاعتراف بأن المنظومة الرياضية في مصر طرأ عليها تغيير نوعي يستدعي التعامل معه بتوازن بعيد عن الهلع والقلق ، بظهور الدور المتعاظم لما يسمى بروابط المشجعين المتعصبين والذين يطلق عليهم التراس وقد استوردوها من اوروبا منبهرين بما تعرضه من اشكال جديدة من التشجيع فى الملاعب الرياضية ، لكن للاسف اخذت هذه الظاهره منحى بالغ الخطورة مع تبني قادتها اساليب اهانة الطرف الاخر المنافس والمغالاة فى الترويج للفرق الرياضية التى يساندونها.

الالتراس خلال العامين الماضيين اغرتهم ثورة 25 يناير وعمدوا الى اداء ادوار بعيدة تماما عن الرياضة واقحموا انفسهم فى ميادين الصراعات السياسية رافعين اعلام الاهلي والزمالك الناديين الكبيرين اللذين رفضا الزج بهما كمؤسسات رياضية فى اتون هذه المحرقة .

ويعترف الجميع ان ظهور الالتراس ساهم فى ازدياد معدلات التعصب والتطرف الرياضي وهو ما كان مقدمة وسببا لحادث ستاد بورسعيد الذي راح ضحيته 72 مشجعا ينتمون للاهلي على يد مشجعي النادي المصري جرين ايجلز ، وهنا كان المنعطف الاخطر فى مسيرة هذه الجماعات التى ظلت وحتى اليوم غامضة بشكل مريب للغاية ، لاتكشف عن قادتها واعضائها وترفض الظهور الاعلامي وتلتزم بمبادئ مخيفة تعتمد على سياسة السمع والطاعة وعدم الجدال حول القرارات والبيانات الصادرة من قادتها الذين لا يعلم احد عنهم شيئا.

وأعجبني الطرح الذي قدمه الزميل الصحافي عز الدين الكلاوي رئيس تحرير موقع كووورة حول الغاء هذه الروابط واعادة صياغة اوضاعها وفقا للقانون واشهارها رسميا ، والزميل يطالب بتقديم كل رابطة للالتراس قوائم بأسماء الاعضاء مع بيانات وصور شخصية لكل منهم والالتزام بالتشجيع الرياضي الحضاري بعيدا عن العنف والاهانات للمنافسين .

وفى حال تحولها الى اللعبة السياسية يتم الغاء الرابطة وخضوعها لطائلة القانون ، ومهنيا يجب توجيه الاشادة الى طرح الزميل المحترم ، واضيف بان : الالتراس وصل فى استهانته بالدولة الى مراحل خطيرة تتمثل فى قطع الطرق والقطارات واقتحام المنشآت كما حدث مع مقر اتحاد الكرة منذ ايام ومع النادي الاهلي قبل ذلك .

وتعملقت هذه الممارسات فى ظل غياب الشجاعة بمواجهتها واتذكر ان رئيس اتحاد الكرة سارع بنفي تصريحات وردت على لسانه تتهم الالتراس بتدمير ذاكرة اتحاد الكرة ، وقبلها نفى مسؤولون بالاهلي قيام هؤلاء المتعصبين باقتحام النادي غير عابئين بالعائلات المتواجدة ، وبدا ان الجميع يخاف المواجهة .خطورة روابط الالتراس فى ظني تكمن فى تركيبتها السرية والتي لايعرف اعضاؤها عنها شيئا ، وتعتمد على التقسيم لمجموعات على رأس كل منها قائد يسمى {كابو} .

ولا توجد صلات بين كل مجموعة وتمتد الشبكة الغامضة حتى تصل الى القائد الاعلى او الصندوق الاسود الذي يملك تأثيرا يثير الاهتمام على الجميع وبالطبع لا يعرفه احد واذا سألت احد اعضاء الالتراس سوف تكتشف انه لا يعرف سوى الكابو التابع له فقط ، وهذا التنظيم المبهر الذي يميز هؤلاء المشجعين يدفعنا لتبني اقتراح تقنين اوضاعهم ووضعها تحت الشرعية والاستفادة منهم فى تطوير الاداء الرياضي وابعادهم عن انياب ومخالب السياسة.

Email