الشهادة

تزداد المخاوف قبل يوم 9 مارس الذي سوف يشهد النطق بالاحكام القضائية في محاكمة الجناة بحادث استاد بورسعيد المروع وربما تبدو كلمة المخاوف مخففة، فهناك من اصيب بالفزع والخوف من مشاهد الرعب التي يشعلها اعضاء رابطة التراس اهلاوي ليس في القاهرة فحسب بل في محافظات اخرى كالاسكندرية وطنطا والفيوم وغيرها، وكلها تهدف الى تشكيل حالة صاعقة في البلد للضغط على القاضي وهيئة القضاة الذين اداروا المحاكمات طوال عام كامل، ويبدو واضحا ان الالتراس لا يبحثون عن القصاص من باقي المتهمين بل من رجال الشرطة الذين صادف حظهم العاثر التواجد بالملعب في ذلك اليوم.

والمفاجأة المذهلة في تقديري الشخصي جاءت من لاعب الاهلي الشجاع عماد متعب عندما اكتشف ان واحدا ممن صدر بحقهم حكم بإحالة اوراقه الى المفتي تمهيدا لحكم الاعدام، كان مختبئا في غرفة ملابس فريق الاهلي اثناء وقوع الاشتباكات في المدرجات والتي اسفرت خلال دقائق عن مصرع 72 مشجعا، وتم القبض عليه ضمن حملات واسعة شملت قطاعاً واسعاً من شباب بورسعيد ثم افرج عنه واختفي عن الانظار رغم استدعائه مرة اخرى، وبعد اشهر فوجئ هذا المشجع باسمه ضمن المحالين الى المفتى، والحكاية لم تعد جديدة لكن الجديد ان عماد متعب تطوع بإبداء رغبته في الادلاء بشهادته حول اختفاء المسكين.

ولاثبات جديته وشجاعته قام بتسجيل شهادته وتوثيقها امام هيئة الشهر العقاري ايمانا منه ببراءة المشجع وعدم مشاركته في المذبحة بالعقل والمنطق. المغزى الخطير في شهادة متعب انه يضرب بقوة في مصداقية الاتهامات الموجهة الى ذلك المشجع ولا يعلم احد ما حدث في تلك الليلة المشؤومة وهو ما يلقي بظلال كثيفة من الشكوك حول التحقيقات التي جرت والادلة التي قدمت الى القضاة.

ويرى البعض ان القضية تأثرت بشكل او بآخر بالاجواء العاصفة التي احاطت بها وبالدور البشع من جانب وسائل الاعلام لتوجيه الاتهامات الى فئة محددة دون الاستناد الى ادلة لا تقبل الشك ونحن نؤيد هذا الرأي ونضيف بأن الامر الاكثر خطورة هو ما يحدث في الشارع المصري من تدمير وتخريب وتكثيف الضربات ضد قوات الشرطة للإيعاز بمسؤوليتهم عن حادث بورسعيد دون ادلة قانونية صحيحة.

ولا املك سوى الاشفاق على قضاة هذه المحكمة فهم بشر يعايشون ما يدور حولهم من مظاهر عنف تؤثر بشدة على الاقتصاد والامن والاستقرار، وهم امام خيارين اما الالتزام بإرساء العدالة مهما كانت العواقب او التراجع امام ضغوط تحذر من انهيار داخلي او تهديدات ربما تطالهم شخصيا. الموقف شائك وشهادة متعب تنسف القضية وتضع جدارا من الغموض على حادث استاد بورسعيد .

ولكن الكل خائف والكل يدعو الله اجتياز يوم 9 على خير ولكن لم يفكر احد كيف صدر حكم بالاعدام على شخص كان مختبئا في غرفة فريق الاهلي ؟ فكروا في المغزى والدلالة في شهادة عماد متعب الذي تبين انه اشجع زملائه على الاطلاق.