من بعيد

مونديال قطر المكيف

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يعد ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي وحده المعترض على انطلاق بطولة كأس العالم عام 2022 بالدوحة فى شهر يونيو المتعارف عليه تاريخيا الموعد التقليدي لاقامة هذا الحدث العالمي الهائل ، وكلنا يذكر ان بلاتيني انفرد بهذا الرأي فى اوج انبهار العالم بما تقدمه دولة قطر من تجهيزات وترتيبات لاستضافة البطولة ، واقترح تعديل الموعد لتقام خلال شتاء 2022 وليس فى عز الصيف القائظ الذي يميز منطقة الخليج فى تلك الفترة من السنة .

القضية تجددت مرة اخرى منذ ايام عندما فجر جيروم فالك الامين العام للاتحاد الدولي المتحدث الرسمي والذي يوصف بأنه طباخ القرارات الهامة التى يصدرها بلاتر ، مفاجآة تعيد الامر الى المربع صفر وتزعج القطريين ايما ازعاج ، عندما اكد ان الموعد غير نهائي ومازال قابلا للدراسة والنقاش ، وفي ظني ان هذا الموقف لم يكن متوقعا للدولة المنظمة التى رصدت موازنة خيالية لوضع البنية الاساسية على اعلى مستوى تقني وتبلغ 137 مليار جنيه استرليني لوضع الاحلام القطرية على ارض الواقع وتشمل تكييف المدرجات وتبريد ارضية الملاعب والمناطق المحيطة بها بحيث يتم ضخ الهواء البارد فى شوارع معينة بالعاصمة الدوحة ، ولكن الرجل الثاني فى الفيفا طرح القضية من جانب اخر يتعلق بالاثار الجانبية الطبية السلبية التى قد تصيب ليس اللاعبين فحسب بل الجمهور القادم من مناطق لا تعرف هذه المعدلات العالية للحرارة والرطوبة ، واكد على وجود تقارير طبية بهذا المعنى يتم دراستها حرصا على صحة المشاركين ، والمح الى تصريحات سابقة ادلى بها بلاتر بان منع الحر اللاهب صعب خارج الاستادات.

هذا الكلام المزعج من داخل الاتحاد الدولي بالقطع يثير القلق رغم انه قد يكون ظاهريا لصالح التنظيم القطري ، فتعديل الموعد الى يناير او فبراير سيقلل كثيرا من التعقيدات الفنية والتقنية والانشائية كذلك يخفض القيمة الاجمالية للموازنة ، لكنه يحمل فى حقيقة الامر تهديدات مبطنة حول امكانية اقامة المونديال فى قطر ، واتذكر كلمات هاني ابوريده العضو المصري فى اللجنة التنفيذية بالفيفا عقب قرعة البطولة عندما اشاد مطولا بالمخططات الانشائية المعدة فى دولة قطر لاستضافة البطولة ، لكنه فى نفس الوقت ابدى تخوفه من تحفظات بلاتيني وقال ابوريدة بالحرف الواحد: انه انذار مبكرلا يمكن التوقع بنتائجه وبلاتيني عندما يتكلم فان الاتحاد الدولي يجب ان يسمع.

اعادة قضية موعد مونديال 2022 الى السطح مرة اخرى لا يعني المساس بالبطولة ، فالموعد بعيد ومازال متبقيا تسع سنوات حتى لو صدرت تصريحات خافتة من الفيفا بتوزيع المباريات على دول مجاورة ومن بينها دولة الامارات العربية ، ولكن الطرح الجديد يجمل فى طياته مخاوف دولية من نوع اخر على صحة المشاركين ، واذا نظرنا لقضية الموعد سنجد ان هناك من يتمسك باقامة المونديال فى موعده التقليدي وتتمثل فى قوى كروية لا يمكن تجاهلها مثل بريطانيا التى رفضت كلام بلاتيني الذي قد يربك المسابقات المحلية الانجليزية والبطولات الاوروبية ، في نفس الاتجاه رفضت اتحادات دول منطقة الكونكاكاف في اميركا الشمالية والوسطى لتشابه المناخ بها مع الحر القطري الخليجي اللاسع .

فى تقديري ليس هناك ما يدعو للمبالغة فى تأويل تحفظات الاتحاد الدولي بايعاز من بلاتيني ولكن ايضا لا يجوز التقليل من شأن المخاوف خاصة اذا تعلقت بالصحة التي يهتم بها الاوروبيون كثيرا وفي كل الاحوال ليس هناك ما يمنع صدور قرار زلزال من الاتحاد الدولي ومع بلاتر كل شئ جائز.

Email