من بعيد

المباراة اللغز

ت + ت - الحجم الطبيعي

دق رنين الهاتف بصوت مزعج واستمع الأميركي بوب برادلي مدرب منتخب مصر الى صوت رئيس اتحاد الكرة يخبره بشكل قاطع باللعب ودياً مع منتخب قطر الشقيق يوم 7 مارس المقبل من دون مقدمات أو أسباب أو مبررات مقنعة، هكذا بالضبط تم إبلاغ الجهاز الفني بشأن هذه المباراة التي "لم تكن على البال أو الخاطر"، ولم يعلن عنها من قبل، بل إنه أي بوب لم يطلبها ولم يرغب في إقامة مباراة في تلك المدة اكتفاء بالدوري المحلي الذي تقام جولاته بشكل متوالٍ دون التقاط أنفاس.

والمفاجأة لم تنحصر في المدرب ومساعديه بل شملت أعضاء الاتحاد أنفسهم وعلى رأسهم الرئيس نفسه أي رئيس الاتحاد جمال علام الذي فوجئ عندما تلقى الأمر من جهة حكومية غير معروفة، وتضمن ضرورة التنفيذ ووضع المنتخب على أهبة الاستعداد، ولتمرير الصدمة اعلن أن الاتحاد سيحصل على 250 ألف دولار مقابل اللعب وتم تقليص المبلغ في اليوم التالي إلى 150 ألف دولار مع تخصيص طائرة لسفر الفريق المصري وعودته في أقل من 48 ساعة، وبدأت تتكشف خبايا المباراة التي تم الاتفاق عليها سراً دون علم الاتحاد المسؤول، وتبين أن الاتحاد لم يتسلم أي مخاطبات رسمية حول الدعوة لخوض المباراة من الاتحاد القطري، وان المداولات كانت عبر قنوات اتصال بعيدة عنه وبعيداً عن وزارة الرياضة أيضاً.

والقضية ليست في المباراة الودية مع فريق عربي شقيق رغم انه لعب مع الفريق المصري قبل أسابيع قليلة لصالح شهداء حوادث العنف التي وقعت في بورسعيد وأسيوط، إنما القضية تكشف عن كيفية إدارة الأمور في الساحة الرياضية وغلبت سياسة التعليمات الفوقية لأهداف لا تمت للرياضة بصلة ولا تصب لصالح المنتخب الذي يستعد لتصفيات المونديال، ولم يخف المدرب بوب استياءه من أسلوب تنظيم المباراة وإبلاغه بعد الاتفاق على كل شيء، ولم يجد حرجاً في الكشف عن عدم حماسه لعدم تزامنها مع أجندة المباريات الدولية وهو ما يعني استحالة ضم اللاعبين المحترفين بالخارج، وهذا الموقف شجع الأهلي والزمالك على التمسك بعدم التخلي عن لاعبيهما للمشاركة في تلك المباراة السرية، بعد أن أدركا أنها خارج حسابات المدرب وأهميتها الفنية منعدمة وتعمد بوب برادلي الإدلاء بتصريحات تشير الى استهانته بالمباراة وعدم اقتناعه بها لأنها خارج حساباته الفنية.

ولأول مرة يخرج أحد اللاعبين منتقداً أسلوب الاتفاق على المباراة والشكل المفاجئ في الإعلان عنها بما يشبه الصدمة حتى للمدرب نفسه، واللاعب هو احمد حسن الأكبر سناً والأكثر خبرة في الملاعب المصرية لم يجد حرجاً في انتقاد سياسة ادارة الحركة الرياضية من خلال القرارات والإملاءات من أعلى، وفي ظني أن الرياضة مثل قطاعات المجتمع المصري تواجه تدخلات خطيرة تؤثر عليها سلبا ولا تستهدف المصلحة العامة ولعل قضية المباراة اللغز مثال واضح على التخبط والتراجع على كافة المستويات في المنظومة الرياضية وكافة قطاعات الدولة المصرية.

Email