من بعيد

من يملك الحقوق

ت + ت - الحجم الطبيعي

أخذتني الدهشة طويلاً خلال مشاركتي في المؤتمر الذي نظمته وزارة الرياضة تحت شعار «الرياضة المصرية على المسار الصحيح وقانون يصنع المستقبل»، واستمر ثلاثة أيام متواصلة، لعدم التوصل إلى إجابة عن السؤال الصعب الذي بات عويصاً حول «من يملك الحقوق في الميدان الرياضي؟».

والمقصود حقوق الرعاية التي تمول النشاط الرياضي وتسهم في بناء البنية الأساسية وتطويرها، وهي قضية الساعة في مصر، رغم أنها لم تعد كذلك في دول كثيرة ومنها بلدان عربية تجاوزت هذا الجدال العقيم، وتوصلت إلى صيغة قانونية لحسم المرجعية في ملكية هذه الحقوق. المشكلة برزت مجدداً بعد انطلاق الدوري المحلي وتمثلت في تعثر المؤتمرات الصحافية التي تعقب المباريات التي يكون النادي الأهلي طرفاً فيها، ويتمسك بوضع لوحات شركة «اتصالات» الراعي الرسمي له، في حين يتمسك اتحاد الكرة بوضع لوحات «فودافون» الراعي الرسمي له.

وهي المشكلة التي عجز الجميع عن إيجاد حلول قانونية لها من جانب الاتحاد خلال عهد سمير زاهر رئيسه السابق أو جمال علام الرئيس الحالي، وتصلب المواقف المتباعدة تسبب في إلغاء المؤتمرات في الدوري الماضي الذي لم يكتمل وخلال الجولات التي أقيمت من الدوري الحالي، وكل طرف يرى أنه صاحب الحق في وضع لوحات راعيه الرسمي، وفشلت كافة المحاولات للتقريب بينهما، بسبب تنافس الشركتين في مجال تجاري واحد، وهو الاتصالات والإلكترونيات، بمنطق إما أنا وإما هو. في المؤتمر المخصص لوضع قانون الرياضة الجديد .

والذي شهد مشاركات واسعة من أساتذة في القانون وخبراء جامعيين في الاستثمار الرياضي وتنظيم حقوق الرعاية وطائفة من نخبة الإعلاميين ومسؤولي الأندية والاتحادات، تم طرح القضية منذ الجلسة الأولى وفوجئت بتباعد الآراء حول السؤال العويص «من يملك حقوق الرعاية الإندية أم الاتحادات؟»، البعض شدد على ملكية الأندية، كونها صاحبة السلعة أي الفريق بكل ما يتضمنه من لاعبين ومدربين وتاريخ وشعبية وقوة جذب إعلاني وإعلامي.

ولكن في المقابل أكد البعض أن الاتحادات وحدها صاحبة المرجعية كونها المنظم للمسابقات والبطولات، واستشهدوا بالنظام المتبع في بطولات كأس العالم القارية والمحلية، حيث تمتلك الاتحادات حقوق الرعاية ويمتنع على الفرق وضع رعاة على القمصان، وأورد البعض الثالث معلومات صحيحة عن المتبع في بطولات الأندية الأوروبية، حيث تحصل الأندية المشاركة على نسبة من عوائد البطولة والتي يمتلكها الاتحاد القاري.

ولكن الذي يحدث في مصر في ظني ليس له مثيل، فالخلاف على أشده حول بديهيات غير متفق عليها والملكية غير واضحة وتتعرض للمنازعة والشد والجذب وتنتهي أحياناً إلى حلول توافقية بعيدة عن القانون، وتبدو الغرابة في عقود الرعاية التي تشمل كافة أنشطة النادي بما فيها تلك التي تتعارض مع حقوق الاتحادات، ما يدخل الجميع في دوامة من المشكلات القانونية والعقوبات القاسية، فالأهلي يتحمل خمسين ألف جنيه في كل مرة يقوم بإلغاء المؤتمر الصحافي والشركة الراعية للاتحاد تطالب بمضاعفة العقوبات لتعويض خسارتها.

وأتصور أن قانون الرياضة الذي يتم التشاور حوله يجب أن ينص بوضوح وبعبارات لا تقبل التفسير والتأويل مرجعية الحقوق، والحدود الفاصلة بين حقوق الأندية وحقوق الاتحادات، خاصة أن القانون ينقل النشاط الرياضي إلى عصر مختلف بآليات مختلفة وفكر متطور وعقلية منفتحة على قبول الآخر. حقوق الرعاية لن تحسم إلا بالنص عليها في القانون، لكن قبل ذلك يجب الاتفاق على مرجعية واحدة تحل مشكلة لم تعد موجودة في العالم حالياً.

Email