من بعيد

تشجيع «شكل تاني»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في بطولة الخليج الحادية والعشرين التي ودعت عشاقها تختلف الألوان وتتقاطع الأهواء وتتناقض الانتماءات في المدرجات لكن من دون خروج على النص، هذا الدرس الأول الذي أرجو أن نكون استفدنا منه في مصر قبل عودة النشاط الرياضي بعد توقف طويل مرير، ومن الواجب تقديم الإشادة والتحية للجماهير الخليجية بكل تنوعها لما قامت به من عرض صور وأشكال مثالية في تشجيع ومساندة فرقها دون المساس بالمنافس أو وقوع تجاوزات مسيئة تعكر صفو المباريات.

الجماهير في خليجي 21 كانت الفارس المتوج ونبض المباريات وضربت المثال في الروح الرياضية في الملاعب التي شهدت مباراتين متتاليتين، في الخروج والدخول من نفس الأبواب بلا احتكاك أو مشاغبات ، كما أن الفصل في المدرجات بين المشجعين لم يكن كاملًا ومع ذلك سادت المودة والاحترام بينهم، دون حاجة لتواجد امني مكثف.

وفي تقديرنا أن من اهم مكاسب البطولة تلك الروح الجميلة لدى الجماهير، واعترف أن المخاوف من غضب الجمهور البحريني بعد خسارة فريقه واقصاؤه من المنافسة، لم يكن لها ما يبررها فلم نشهد احتجاجاً واحداً على اللاعبين والجهاز الفني بل تصفيق ومواساة لهم ، فقد خرجوا بركلات الجزاء الفاصلة بعد مقاومة باسلة أمام العراق، وباستثناء ردود أفعال بعض المشجعين السعوديين للخروج المبكر كانت الانفعالات في نطاق محدود وان أثمرت عن إقالة المدرب الهولندي ريكارد في وقت لاحق.

ولا ننكر الدعم الذي قدمته الحكومات لتسهيل سفر مشجعيها الى البحرين ذهاباً وإياباً، خاصة دولة الإمارات التي وفرت ما يتجاوز 20 رحلة جوية لكل مباراة، ورغم التكدس على أبواب الملاعب وفي المطارات وارتباك بعض الرحلات وتغيير بعض المواعيد، لم نسمع عن مشاكل وأزمات، فالالتزام كان شعار الجميع، وهذا ما افتقدناه في الملاعب المصرية في العامين الأخيرين وتسبب في الحادث الدرامي الذي وقع في ستاد بورسعيد.

فالجماهير في بطولة الخليج كانت سفيراً لأوطانها، وحرص كل مشجع على أن يمثل بلاده خير تمثيل، فلم نسمع سباباً مسيئاً وهتافات جارحة ولم نلمح لافتات غير رياضية، وارتفع الجميع إلى مستوى الحدث وهي مشاهد تعيد إلى الذاكرة ما قدمته الجماهير المصرية خلال بطولة كأس إفريقيا عام 2006 من تشجيع رياضي وسلوك حضاري نال إشادة الاتحاد الدولي.

والدرس المهم لجماهيرنا في مصر قبل انطلاق الدوري يوم 2 فبراير، إذا قدر له أن ينطلق، احترام الملاعب والمنافس والتشجيع الخالي من الإساءة، ففي بطولة الخليج كانت المدرجات ناصعة البياض وخلت سماء المنامة من الألعاب النارية التي نطلق عليها في مصر "الشماريخ".

وكما علمت فإن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي أبدى إعجابه الشديد بالجماهير الخليجية ووصفها بالشيء الثمين، وربما كان يقصد التشجيع المنظم والأهازيج والطبول والأعلام الملونة، وفي ظني أن جمال التشجيع في البطولة انه انطلق بدوافع وطنية رغم شدة المنافسة في المباريات، وبعيداً عن مهاترات الروابط المتعصبة التي تسمى بـ"الالتراس" ستكون كرة الخليج بخير وألف خير.

Email