من بعيد

إنها المنازلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تبتعد منافسات خليجي 21 عن العدالة في كرة القدم ووضعت المنتخب الإماراتي وجهاً لوجه مع الفريق العراقي في لقاء يستحق أن نطلق عليه المنازلة في الجولة النهائية على اللقب، ولا يختلف أحد على كفاءة الفريقين وتميزهما خلال البطولة وكان واضحا ابتداء من الجولة الثانية أنهما في الطريق الصحيح على موعد مع المنازلة على الكأس الخليجية الغالية، وان كنا نرى تفوقاً ملحوظاً للأبيض، الذي انفرد بتحقيق أربعة انتصارات من أربع مباريات.

والدوافع كانت شديدة الوضوح في مباريات الإمارات، فالفريق تدرج معظم أفراده معاً من منتخب الشباب الى الأولمبي ثم الأول بإشراف المدرب ابن البلد مهدي الذي لم يتغير أو يتبدل في هدوئه وعزوفه عن الصخب الاعلامي وتركيزه على عزل اللاعبين عن ضوضاء البطولة محدداً الهدف دون مواربة، وأكاد أجزم أن الدوافع تصاعدت عقب تصدر الفريق للمجموعة الأولى.

وفي منعطف له دلالته قام سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بزيارة الفريق قبل مواجهة الكويت بالتزامن مع قرار رفيع المستوى بتنظيم رحلات جوية بالمجان للمشجعين، كل هذا ساهم في تجسيد الرسالة المراد أن تصل الى اللاعبين وتتلخص في أن بلادكم معكم وتساندكم من القيادة الى أصغر طفل مواطن بالدولة، وأكرر أن السياسة التي اتبعها الجهاز الفني في اقامة جدار عازل مع الاعلام خلال الأيام التي سبقت مباراة الكويت كانت في ظني كلمة السر.

نتائـج الفـريق الإيجابيـة أغلقت أبواب الانتقادات سواء من الصحافة أو ستديوهات التحليل المتعددة، فلم يحدث تشويش على مهدي ولم نسمع عن ملاحظات أو شكوى من تشكيل الفريق أو طرق اللعب أو التبديل أثناء المباريات وهذا بدوره وفر أجواء من الهدوء للجهاز الفني، ولفت انتباهي الروح الجميلة من الجيل السابـق بظهـور عـدنان الطلياني وعـبدالعزيز محمد وحسين غلوم وعبدالله سلطان في الفندق لمساندة اللاعبين، ولاحظت احترامهم للمدرب وابتعادهم عن الخوض في الأمور الفنية رغم محـاولات بعـض المراسلين جرجرتهم الى هذا الكلام الشائك، لكنهم أدركوا أن المدرب صاحب القرار وعليهم التشجيع والتحفيز فقط.

تأخذني الذكريات الى لقاء لا تنساه كرة الإمارات في تاريخها وكان مع المنتخب العراقي في الدور قبل النهائي لبطولة كأس آسيا بأبوظبي عام 1997، في استاد مدينة زايد، وانتهى الوقت الأصلي بالتعادل السلبي، وهنا وضع الجميع أيديهم على قلوبهم تحسباً لتفوق العراقيين في اللياقة، ولكن قبل الدقيقة 120 بثوان تحققت المعجزة بقذيفة بعيدة المدى اطلقها المدافع عبدالرحمن ابراهيم مسجلا هدفاً تاريخياً أوصل الإمارات لأول وآخر مرة الى النهائي الآسيوي مخالفاً ترشيحات النقاد الذين توقعوا تفوق العراقي.

وفي كرة القدم يصعب إطلاق التوقعات، لكن مع المستوى الذي قدمـه الفريق الإماراتي فإن حظوظه في اللقب تتقارب مع الفريق المنافس، إن لم تتفوق، وإذا كانت العدالة أهم علامات خليجي 21 فإنها بالقطع سوف تكون عدالة عمياء صادقة إذا ظفر الأبيض باللقـب الخليجـي الثانـي وهـذه المرة في المنامة الناعسة الجميلة.

Email