من بعيد

للضرورة أحكام

ت + ت - الحجم الطبيعي

* قامت الدنيا ولم تقعد في أروقة بطولة الخليج، عقب التصريحات الإعلامية التي أدلى بها الشيخ طلال فهد الأحمد حول احتمالات عدم استكمال منتخب الكويت مبارياته، ولم تتوقف ردود الأفعال المعارضة حول المغزى من إطلاق هذه "البالونة" عقب دقائق من فوز الكويت على اليمن، ولم تداخلني الشكوك لحظة في أن إطلاق هذه التصريحات متفق عليها مع سبق الإصرار والترصد وتأتي في أعقاب تصريحات شقيقه الأكبر الشيخ احمد الفهد حول إقصاء محمد بن همام من الرئاسة الآسيوية، والتي أثارت جلبة وصخباً قبل بدء البطولة بيومين.

* متفق عليها ، نعم ، فهي عادة كويتية تحدث في بطولات الخليج لإضفاء التشويق والإثارة على ديوانيات فندق الإقامة، وطرح القضايا الرياضية التي تهم منطقة الخليج ، ولا أنسى عام 1984 في النسخة السابعة للبطولة في مسقط عندما فوجئنا بالوفد الكويتي يوزع بياناً مكتوباً بخط اليد يعلن اعتراضه على تنظيم الإقامة بفندق انتر كونتننتال وانتقاله الى خيمة ضخمة سيتم نصبها خارجه وانتهى البيان بتوقيع الراحل الشهيد الشيخ فهد الأحمد، ويومها هبت عاصفة من التصريحات المؤيدة والمعارضة والتزم أصحاب البيان الصمت التام تاركين الآخرين في حيرة من أمرهم .

واللافت أن الزميل الصحافي الكويتي جاسم أشكناني امتلك الشجاعة في تفنيد تصريحات الشيخ طلال واعتبرها رصاصة في الهواء، ولفت انتباهي أن أشكناني قلل كثيراً من مبررات الشائعة مؤكداً أن قانون "الضرورة" لتنظيم الهيئات الرياضية بالكويت، لا يعد تدخلاً حكومياً، بل جاء لتعديل النظم القانونية المنظمة للاتحادات والأندية باعتبارها خاضعة مالياً لرقابة الحكومة.

* لا أدافع عن أشكناني فقد كتب عني ذات مرة في يونيو 1992 أن علاء إسماعيل صحافي في الشؤون الزراعية، في معرض انتقاده لخبر نشرته في البيان حول تدخل الشيخ احمد الفهد في مهمة المدرب عشية مباراة الإمارات مع الكويت في ستاد العين بالتصفيات الأولمبية ويومها فاز الأبيض 3/2 وسجل زهير بخيت هدف الفوز في الثواني الأخيرة ، لكني أشيد بتمسكه برأيه في أن اطلاق الشيخ طلال لبالونة عدم اللعب غدا في حال اعتماد مجلس الأمة لقانون الضرورة مجرد كلام لا يرقى الى مرتبة التصديق، كما انه اكد على أن القضية شأن كويتي داخلي لا مبرر لفرقعتها في أروقة خليجي 21 ، بل انه "أي اشكناني" المح الى أن اختيار الزمان والمكان لإطلاق هذه التصريحات الإعلامية، إنما يشكل ضغوطا على الحكومة من ناحية ومجلس الأمة من ناحية اخرى.

وفى ظني أن زميلنا المخضرم محق الى حد كبير ويعبر فيما قاله عن هامش الحرية والرأي المتداول في دولة الكويت، لكني أؤيد الشيخ طلال في دفاعه عن استقلالية الاتحادات الرياضية ومنها اتحاد كرة القدم ورفض التدخلات الحكومية ، حتى لا يتكرر الوضع المؤسف الذي حدث قبل اشهر بإيقاف النشاط الرياضي في الكويت بقرار من اللجنة الأولمبية الدولية ، وهذه مشكلة قائمة في مصر وكافة الدول العربية ما دامت الدولة تملك حق الصرف والتمويل ، وهذا لا يمنع أن بعض التدخلات الحكومية تكون مفتعلة ويستخدمها المخالفون لتخويف الدولة وإرسال الشكاوى السرية الى الاتحاد الدولي، لاتخاذ اللازم وهذا ما حدث في الكويت قبل ذلك.

*التصريحات الكويتية لم تجد من يأخذها على محمل الصدق ولم تجد من يروجها ، فالجميع يعلم أن قانون الضرورة له مبرراته ولم يصدر حتى الآن لكن يبدو أن للضرورة أحكاما وهي من أحكام دورات الخليج.

Email