من بعيد

العقدة القطرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

خضعت كرة الامارات خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي لأوهام ما يسمى بالعقدة القطرية فى دورات الخليج وتفوق العنابي على الابيض فى معظم المواجهات رغم تقارب المستويات بينهما واستمرت لعدة سنوات حتى اعتدلت الموازين الفنية بالتطور الذي طرأ على منتخب الامارات فى الوقت الذي شهد نظيره القطري تراجعا ملحوظا ، وكشف لقاء الفريقين فى اليوم الاول عن هذا التباين بوضوح والتفوق الفني لفريق مهدي علي أول مدرب وطني يقود فريق بلاده فى مشوار بطولات كأس الخليج.

وفي ظني ان الكلام عن العقدة القطرية لم يكن دقيقا وغلب عليه التأثير النفسي الذي وصل الى اللاعبين والشارع الرياضي الاماراتي ، ولعب الاعلام القطري دورا فى هذا الشأن لترسيخ اوهام العقدة القطرية ، وأتذكر فى البطولات السادسة والسابعة والثامنة كيف كانت الصحافة القطرية خاصة جريدة الراية تركز وتكرر فى ترديد اسطوانة العقدة وأتصور انها فى بعض الفترات حققت اهدافها ، ولكن كرة القدم لاتعرف الثوابت فهناك متغيرات اهمها ان الكرة القطرية اعتمدت على جيل من اللاعبين المميزين امثال منصور مفتاح وخالد سليمان وعادل مال الله واحمد خليل وغيرهم ، وحققت نتيجة مذهلة فى بطولة العالم للشباب باستراليا عام 1981 باحتلال المركز الرابع ، ولكن يبدو ان العقدة القطرية ارتدت الى اصحابها منذ بدء التحول الى الاحتراف والانفتاح من اوسع الابواب على نجوم الكرة فى العالم .

باختصار اقول ان المنتخب القطري ضحية للحالة التى تعيشها اللعبة فى الدوحه سواء من حيث المبالغة فى اعداد اللاعبين الاجانب والموازنات الكبيرة لدعم الاندية بأعلى المستويات من النجوم والمدربين والاجهزة الفنية ، وفى تقديري ان الارتفاع الواضح فى اهتمام الدولة بالرياضة اثمر مكاسب غير مسبوقة لعل اهمها النجاح فى انعقاد اجتماع برلمان الاتحاد الدولي عام 2004 ثم الخطوة المذهلة باستضافة مونديال 2022 وهو مايحسب بكل تاكيد لصالح اهمية الرياضة فى جذب الارتقاء باسم دولة قطر ، لكن فى الوقت نفسه انعكست هذه الطفرة على المنتخب العنابي ، واصبحت مشكلة المدربين الذين قادوا الفريق خلال السنوات الاخيرة ، اختيار العناصر الوطنية المناسبة ، وفى الواقع اضطر اتحاد الكرة الى البحث خارج هذه الدائرة واضطر للاستعانة بلاعبين اجانب منحهم الجنسية بهدف دعم المنتخب.

اتذكر اني كنت من المتحفظين على عودة اللاعبين الاجانب لدوري الامارات لاكثر من 15 عاما رغم تزايد المؤيدين لهذا التحول ، والجميع يعلم ان كرة الامارات حققت انجازها الالمع بالتاهل الى مونديال ايطاليا 1990 فى ظل الاعتماد على اللاعبين المواطنين فى الدوري المحلي ، ولا ازعم ان المعارضة كانت منطقية وربما تداخلت مع اعتبارات اخرى ليس هنا المجال للخوض بها ، ولكن مع صدور القرار بفتح الابواب لعودة اللاعبين الاجانب عام 1997 ، حدث التحول وتاثر المنتخب ، لبعض الوقت حتى سجل عام 2007انجازه الاهم بالفوز بلقب بطل الخليج.

العقدة القطرية لا نرددها بالمعنى الذي كان سائدا قبل سنوات ، بل نراها تؤثر على المنتخب العنابي ، بسبب الاعتماد على التجنيس غير الموفق وغياب العنصر المواطن عن الاندية فى ظل تقلص الفرص المتاحة امامه فى الدوري المحلي ، انها مشكلة تطبيق الاحتراف والانفتاح دون محاذير على حساب ابناء البلد.

على الهامش

فى الوقت الذي تتواصل احتفالات الاشقاء والاخوة فى منطقة الخليج ببطولتهم المفضلة بكل ما فيها من طقوس وتقاليد وتنافس محترم لا يخترق الاصول والمبادئ ، تعاني الكرة المصرية العريقة بكل ما تملكه من تاريخ وريادة مما يحيط بها من تيارات معاكسة وايقاف للنشاط لقرابة سنة كاملة وتراجع فرص عودة الحياة الى ملاعبها ، واقول :رب اهدي قومي وارشدهم الى الطريق الصواب.

Email