من بعيد

عداء بلا حدود

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحداث المؤسفة التى جرت فى منطقة بورفؤاد ببورسعيد قبل أيام كشفت للجميع حجم الجفاء بل العداء الذي يجمع ما بين أنصار النادي الاهلي من ناحية وأبناء المدينة الباسلة من ناحية اخرى ، وهي حقيقة ليست جديدة فقد أشعل حادث ستاد بورسعيد الذي راح ضحيته 72 مشجعا أهلاويا ، نيرانا لن تنطفئ وخلق حالة من العداوة والكراهية غير مسبوقة بين أبناء هذا الوطن الذي كان من صفاته الحب والتسامح والمودة .

ورغم جسامة الحادث وفداحة الخسائر التى لن يمكن تعويضها وأخذت معها أرواحا ازهقت غيلة وبوحشية وانتقلت الى بارئها رب العالمين ، ورغم مرور عام على هذا اليوم الحزين وكان من تداعياته ايقاف نشاط كرة القدم بالكامل ، الا أن الجرح ما زال ينزف ويقطر دماً و حزنا وألماً ويؤكد ان النسيان مستحيل.

حالة العداوة التى تصاعدت وتفشت تثير الخلاف والجدال ، فما حدث الاسبوع الماضي داخل أسوار جامعة بورسعيد سيناريو مكرر لحادث الملعب يعيد نفسه بنفس الادوات وبتأثير التعصب الاعمى المجنون ، وكما جرى فى ستاد بورسعيد إرتفعت اللافتة القذرة نفسها فى جنبات مقر الجامعة بواسطة ثلة من الطلبة المنتمين لتشجيع الاهلي .

وهم من المغتربين وليسوا من أبناء بورسعيد وهي اللافتة التى توجه إهانة فى الصميم وتنال من كرامة البورسعيدية باستفزاز متعمد مع سبق الاصرار ، ولاحظوا معي التوقيت المريب ، فالاحكام القضائية فى قضية الملعب سوف تصدر يوم 26 يناير والدوري الكروي تحدد موعده بصعوبة يوم 2 فبراير ، وهكذا كانت شرارة الاحداث وتوالت المشاهد المؤسفة ووصلت الى تجمع البورسعيدية وحصارهم للجامعة ثم اقتحامها ، وقيام الاهلاوية باصطياد اثنين منهم واحتجازهما ، ثم استخدام العنف فى أبشع مظاهره لمدة وصلت الى 14 ساعة متواصلة رغم محاولات مستميتة من قوات الامن لإيقاف المعارك.

والمعلومات تشير الى أن النادي الأهلي تحول الى كيان منبوذ من قسم كبير ولا يستهان به من المدن الساحلية بسبب كرة القدم وليس لأسباب أخرى ، ومن الغريب أن قيادات أمنية فى وزارة الداخلية طلبوا من اتحاد الكرة إقامة الدوري بنظام المجموعتين لمنع فريق الأهلي من مواجهة الفرق المنتمية للمحافظات المطلة على قناة السويس على خلفية العداء السافر والكراهية البغيضة المتبادلة بين الجانبين بسبب كرة القدم وهو اعتراف رسمي من الدولة بوجود هذه الحالة المفجعة ، وأجد نفسي أفكر فى كيفية معالجة حالة العداوة المستحكمة وهل هي قابلة للعلاج؟

الرياضة فى كل دول العالم تجمع الشعوب وتقرب بين طوائف الشعب الواحد ، وهو ما كنا نعيشه فى مصر حتى حدث التحول الخطير فى مسار الكرة المصرية مع ظهور روابط الألتراس شديدة التعصب بكل ما تحمله من ثقافة العنف ورفض الآخر ونبذ المنافس ، وإهانته واستغلال التشجيع فى التحقير والتقليل من شأن المنافسين ، ومع ثورة 25 يناير وغياب الأمن الصارم ، تفجرت قوى الالتراس .

وأشاعت العنف والايذاء والكراهية حتى وقعت كارثة ستاد بورسعيد ، ولا اقصد إتهام مشجعين بعينهم فالجميع يشارك فى المسؤولية وإن كانت رابطة الاهلي الأعلى صوتاً والاقوى تأثيراً .إلى أين تأخذنا حالة العداء والتعصب؟ لك الله يامصر الحزينة الباكية بدموع ساخنة على أبنائها الكارهين لبعضهم وياله من مشهد.

Email