من بعيد

رياضة على الورق

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقرأ وتسمع وتشاهد العجب فى الصحافة الرياضية رغم توقف النشاط وتجميد المسابقات ووقف الحال وقطع أرزاق آلاف من الرياضيين وتضرر المئات من المرتبطين بالملاعب بشكل مباشر اوغير مباشر، وتأخذني الدهشة مما يتم تداوله فى الاعلام المصري حول صفقات لا أساس لها من الصحة ومؤامرات من الاهلي لخطف عمرو زكي وتخطيط مع سبق الاصرار من الزمالك للتعاقد مع دومينيك الاهلاوي، وتزداد الغرابة فى تكرار اخبار مغلوطة مثل تمسك حسام البدري مدرب الاهلي بزيادة مرتبه لاكثر من الضعفين، وهروب فييرا مدرب الزمالك رغم انكارهما ونفيهما ذلك عدة مرات.

الفراغ القاتل يدفع الاعلام نحو البحث عما هو مثيرللجدل وجاذب للقراء والمشاهدين، ولذلك اتجهت بعض الصحف الخاصة الى رذيلة اختلاق الاخبار والمبالغة فى تفاصيل لا ترقى الى درجة النشر كما حدث مع مدافع الاهلي محمد نجيب عندما اغلق هاتفه لمدة يومين، ووجدتها الصحافة فرصة لسرد وقائع غير امينة وطالبت بايقافه فى الوقت الذي لم يهتم مدرب المنتخب بوب برادلي بالضجة وتعامل بواقعية مع الحدث.

وبسبب الفراغ استغلت صحافتنا خبر انتهاء علاقة لاعب الزمالك السابق مع ناديه التركي، لتحيك سيناريو تخيليا حول تفاوض الاهلى معه تمهيدا لاصطياده، ولم تتوقف الحملة الابعد صدور نفي مهين من الاهلي، والامثلة كثيرة وتعكس الاجواء العابثة التي تعيشها الرياضة المصرية وفقدان الاعلام التوازن لغياب المباريات والتنافس وانسحاب شركات الاعلانات واضمحلال اهمية البرامج الرياضية فى القنوات، بعد سنوات من الرواج الكبير وارتفاع قيمة عقود المذيعين الى ارقام تتجاوز سبعة ملايين جنيه سنويا.

وربما نلتمس الاعذار للقنوات والصحف الخاصة بعد ان تحولت الملاعب الى ساحات مظلمة وبيوت للاشباح، فهي تقاتل من اجل البقاء وتصارع كل القيم والثوابت الاعلامية المحترمة من اجل اجتذاب المشاهدين، وعلى الرغم من تقلص معدلات المشاهدة وتراجع مبيعات الصحف بشكل مخيف، يحاول الاعلام الرياضي البحث عن معارك وقضايا تضع لها عناوين سياسية بعد ان اجتذب الشأن السياسي الجميع.

وسمعنا عن علاقات بعض النجوم بأحزاب اسلامية مع اضفاء قدر كبير من المبالغة وتأويل تصريحات للاعب مهذب مثل محمد ابوتريكه حول رفض عودة الدوري، والنتيجة الطبيعية لمثل هذه الممارسات الاعلامية انصراف المشاهدين وانحدارمكانة الاعلام الرياضي حتى ان الصحف الكبرى قللت كثيرا من المساحات الممنوحة للرياضة، الامر الذي دفع بعضها لتسخين الشغل بعناوين مغلوطة وصفقات وهمية وتصريحات لم تصدر من أحد.

هذا الوضع المؤسف يعود بالدرجة الاولى الى توقف نشاط دوري كرة القدم الذي كان يمول كل العناصر وثبت يقينا ان الاعلام اصيب فى مقتل باستمرار التوقف سواء فى توقف الموارد والإعلانات او جفاف الاخبار والتصريحات والقضايا، وبالتالي اصبح ما نراه ونقرأه رياضة على الورق فقط ، للاسف الشديد.

Email