جاذبية المعلق الرياضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

* قبل رحيل المعلق الفلسطيني أكرم صالح اخبرني في لقاء خاص بمدينة الطائف انه سمع معلقاً إماراتياً صاعداً يمتلك موهبة لافتة ونسخة غير متكررة في فن التعليق الرياضي، هذه الحكاية لا يعلمها الصديق المعلق الإماراتي علي سعيد الكعبي وربما يسمعها لأول مرة.

والذي سمعته عام 1989 خلال تعليقه على مباراة ودية بين مصر واسكتلندا في جلاسجو وانتهت لصالح فرقة الجوهري 31 وكان لها فضل اجتذاب الآذان والعقول إلى هذا المعلق الذي لم يكن معروفاً في ذلك الوقت، تذكرت قبل أيام بداياته عندما شاهدت مباراة مباراة شيلسي مع مونتيري المكسيكي ضمن مونديال الأندية في احد المقاهي الكبيرة في القاهرة ، ولمست إعجاب المشاهدين به وترديدهم اسمه بشغف شديد.

* ظهر علي سعيد الكعبي في مرحلة كان يعتلي عرش التعليق الرياضي في الإمارات على حميد وعبد المحسن الدوسري وأحمد الشيخ ومحمد الجوكر، وبسبب تشابه نبرة الصوت اختلط أداء علي سعيد مع المعلق القطري يوسف سيف، واحتاج الكعبي لبذل جهد كبير للخروج من هذا المأزق بفضل طموحه الواضح وتمسكه بإرادة النجاح وتكوين الشخصية المستقلة للمعلق المميز.

وكان يحرص على الاتصال بي بشكل دائم وبزملاء آخرين للاستئناس بخبرات صحافية أوسع، ولمست فيه موهبة الاستماع الى النقد وتطوير الأساليب التي يتبعها، ولا أنسى اختياره ضمن الوفد الإعلامي الضخم لتغطية مشاركة منتخب الإمارات في مونديال إيطاليا 1990، وهو يجلس في المطارات منزوياً خجولاً يقرأ من مجلات رياضية انجليزية وفرنسية وإيطالية وشعرت انه يدرك قيمة المسؤولية التي يتحملها رغم انه علق على مباراة واحدة كانت بين الإمارات ويوغسلافيا قبل تفككها.

*توقعت بروز الكعبي وفى ظني انه أول من قدم المعلومة المفيدة خلال التعليق بنعومة وبعيداً عن الافتعال، وقال لي : مثلي الأعلى المعلق اكرم صالح الذي كان يردد مقولة: إن التعليق تعبير غير دقيق والصحيح انه نوع من الوصف، والمعلق يجب أن نطلق عليه الوصاف، ويلتزم علي سعيد بهذا المبدأ غير انه أضاف الكثير من المعلومات اللازمة والمرتبطة بالمباراة دون تزيد ومبالغة، وربما أرسى أسساً لمدرسة مختلفة في التعليق الرياضي تطورت بفضل ثقافته اللافتة واطلاعه الواسع رياضياً وفنياً وسياسياً.

وحاول الكثيرون مجاراته لكن عاب بعضهم المبالغة في دس المعلومة والخروج عن أجواء المباراة وتشتيت المشاهدين دونما مبرر، بينما نجح البعض، وهم يدينون له بهذا الأسلوب الناجح، وأتصور أن إطلالة علي سعيد عبر شاشات واسعة الانتشار وحصوله على تصنيف متقدم في رغبات المشاهدين، دلالة واضحة على أهمية المعلق المحترف الذي يقدر خطورة دوره في تكوين الثقافة الرياضية لأجيال المستقبل وتنوير عشاق كرة القدم في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل وغلبت الرداءة على الجودة.

* في القاهرة ورغم ميل المصريين للمحلية المقيتة أحياناً، إلا أن تعليق علي سعيد الكعبي كسر هذه القاعدة بكفاءة وبراعة ليرفع اسم الإمارات عالياً.

Email