الرياضة في الدستور

ت + ت - الحجم الطبيعي

فى مصر لا يرتفع صوت فوق صوت الدستور الذي يتم صياغته هذه الايام ويشهد اختلافات حادة حول عدد كبير من المواد والنصوص فى ظل غياب تباعد الرؤى التى تطرحها القوى السياسية الحاضرة وهى متناقضة من ناحية وتفتقد الثقة فيما بينها من ناحية اخرى ، وما يهمنا حجم وقيمة قطاع الرياضة فى الدستور والصدمة التى حدثت عقب الكشف عن مسودة الدستور على الرأي العام وتضمنت مادة هزيلة من 14 كلمة تعكس رؤية النظام الحاكم للرياضة باعتبارها ترفيها واضاعة للوقت ومجرد عدو او هرولة او تدريبات ثني ومد التى كانت مفروضة زمان فى المدارس قبل الغائها كليا .

وليس قطاع بطولات وميدان لايجاد ابطال وصناعة حقيقية .المادة تحمل رقم 61 تنص على { ممارسة الرياضة حق للجميع ، وعلى الدولة اكتشاف الموهوبين واتخاذ مايلزم من تدابير لتشجيعهم على ممارسة الرياضة} وهكذا تمخضت الاجتماعات الطويلة والدراسات العميقة فأنجبت هذا النص الضعيف الذي يتعامل مع الرياضة من منظور غير سليم اجتماعيا واقتصاديا وتربويا ،.

وكان المطلوب من دستور يتم صياغته عام 2012 ويتم العمل به لسنوات قادمة ان ينظر للرياضة بشكل مختلف عن الدساتير السابقة ، وفى تقديري ان الدولة فى العصر الحالي ليس من مهمتها اعداد وتنشئة الموهوبين وتطويرهم من اجل الحصول على بطولات ، بل هذا دور القطاع الاهلي اي الاندية والاتحادات صعودا الى اللجنة الاوليمبية ، وبالتالي لا يجوز ان ينص الدستور على ان دور الدولة اكتشاف الموهوبين ورعايتهم وتوفير ما يلزم لتشجيعهم ، والصحيح فى ظني انها مسؤولة عن توفير البنية الاساسية الرياضية كالملاعب والصالات المغطاة فى جميع المدن والقرى .

تمنيت ان يتضمن الدستور الذي يتم اعداده وسط صخب غير صحي ، التأكيد على استقلالية الهيئات الرياضية وعدم تدخل الدولة فى حرية الجمعيات العمومية وهو امر مهم يتوافق مع الميثاق الاوليمبي الدولي ، وان يتضمن ايضا حماية نظم الاحتراف الرياضي الذي لم يكن موجودا فى السنوات السابقة ، وايضا تشجيع حق المؤسسات الرياضية فى الاستثمار وايجاد مصادر للدخل تنفق منه على تنشئة الابطال ، لكن للاسف خلت المادة المتواضعة فى صياغتها ومفهومها من هذه المعاني التى وردت فى دساتير دول كثيرة ومن بينها الدستور السوداني وهو مايفسر التطور السريع للاندية ونظام الاحتراف فى السودان الشقيق .

تمنيت ان يؤكد الدستور على واجب الدولة فى حماية الممارسة الرياضية داخل المدارس والجامعات اي توفير الملاعب والادوات اللازمة ورعاية مسابقات المدارس والجامعات وكلها تقع فى نطاق دور الدولة ، وكان يجب التأكيد فى كلمات قليلة على ان الخلافات الرياضية مرجعها التحكيم الرياضي وليس القضاء العادي ، واتصور ان ادراج هذا البند فى الدستور يساعد على استقرار الحركة الرياضية من خلال طرح خلافاتها امام محكمتها الخاصة ، وهذه النقطة تحديدا لها دلالتها فى الرياضة المصرية التى تقضي جزءا من يومها فى الملاعب والجزء الاخر فى المحاكم.

Email