من بعيد

هدية العيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحول الحديث عن عودة النشاط الرياضي في بلد عريق مثل مصر إلى قنبلة متفجرة يخشى الجميع الاقتراب منها، ونزلت تصريحات رئيس الوزراء في أول أيام عيد الأضحى كالصاعقة على رؤوس المطالبين بإعادة الحياة إلى الملاعب وإنقاذ قطاع الرياضة الضخم الذي كان يضخ إلى شرايين الاقتصاد الرسمي مالا يقل عن 18 مليار جنيه تتنوع ما بين حقوق إعلانية وحقوق بث تليفزيوني وضرائب على كافة التعاقدات الخاصة باللاعبين والمدربين ورواتب العاملين في الأندية والاتحادات ومشاريع تشييد المنشآت الرياضية المختلفة وصيانتها، دون ذكر القيمة الاسمية للجانب الدعائي الذي تحققه البطولات سواء التي تقام محليا أو خارجيا والتي لا تقدر بأموال.

الدولة تتعامل بحذر بالغ مع الرياضة وتصريحات العيد ربطت بين توافق كافة الأطراف المعنية على استئناف النشاط الرياضي، والمعنى واضح، فالأطراف هم مجموعات (الاولتراس) الذين باتوا الرقم الصعب والذي لا يمكن تجاهله عند مناقشة هذه القضية الشائكة حتى أن مسؤولا رفيعا بحجم رئيس الوزراء يطرح القضية بتردد وحرص على مخارج الألفاظ حتى لا يساء التفسير، والمفارقة أن الدولة تتعامل مع مباراة الأهلي والترجي في ذهاب نهائي بطولة الأندية الأفريقية بانفتاح لافت.

وأعلنت السماح بحضور الجماهير لأول مرة في مباريات الأهلي منذ حادث ستاد بورسعيد ، لمجرد أن الأجهزة الأمنية لمست توافق (الاولتراس) ورغبتهم ليس في الحضور بل المشاركة في تنظيمها وحمايتها من الشوائب وهم في ذلك ينفذون توجهاتهم القائمة على أن مشاركة الأهلي في أفريقيا حلال، أما النشاط المحلي، فهو حرام ومرفوض ومكروه للغاية، وتضرب عرض الحائط بمطالبات فئة عريضة من الرياضيين والمتصلين بالمنظومة الرياضية، وتتجاهل خطورة توقف التنافس الرياضي بكل ما يتطلبه من تفريغ لشحنات الغضب والفرح لدى الشباب.

لم يعد النشاط الرياضي رفاهية أو إهدارا للوقت، بل ضرورة ملحة باعتباره صناعة لا تقل أهمية عن صناعة السينما، وفى ظني أن عودة مباريات كرة القدم وسيلة لامتصاص التوترات السائدة والخلافات والاختلافات المنتشرة، وهذه بديهيات يدركها السياسيون.

لكن يبقى الخوف من المواقف المتغيرة للرقم الصعب أي (الاولتراس) هو العائق الأكبر والذي يقف حائلا دون اتخاذ قرار شجاع، والدهشة تتزايد بسبب تردد الدولة رغم الجوانب السلبية المترتبة على إيقاف النشاط الرياضي، فهي تتودد لـ (الاولتراس) على حساب التضحية بمصالح ملايين من الرياضيين والمرتبطين بالعملية الرياضية، وهنا يكمن الخطر الأكبر في إدارة الأزمة، وهو ما يرشحها لتكون قنبلة متفجرة،ولعل المواجهات المحدودة التي وقعت بين بعض الرياضيين من ناحية و(الاولتراس) من ناحية أخرى، تؤكد الخطأ الجسيم في اتخاذ القرار بأيد مرتعشة.

Email