الفوضى بالقانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد الرياضة ممارسات بدنية ومباريات تنافسية بل اتفاقات وتحالفات وتعاقدات قانونية بين مختلف العناصر، والعقود ترتب التزامات وحقوقا يجب الوفاء بها من الجانبين وليس من طرف واحد، وهنا يبرز عمق المشكلة التي وقعت فيها الرياضة المصرية منذ توقف النشاط خاصة كرة القدم قبل ثمانية أشهر وتوقفت معها الموارد المالية التي كانت تتحصل عليها الأندية والاتحادات وكافة الأجهزة الوثيقة الصلة مثل المؤسسات الإعلامية وشركات التسويق والإعلان الرياضي. وبتعبير دقيق جفت المنابع التي كانت تروي ظمأ الحركة الرياضية وغابت الحياة عن الملاعب.

ومع تصاعد الازمة في ظل تعثر محاولات إطلاق دوري كرة القدم ، تعالت الصرخات. فاللاعبين يطالبون بحقوقهم التعاقدية المتأخرة منذ عدة أشهر باعتبارهم محترفين لا يعملون إلا في كرة القدم ويعتمدون عليها كمورد رزق ، ولكن الأندية من جانبها لم تعد قادرة على الوفاء بما عليها من استحقاقات نظراً لتوقف المباريات، والدلالة نجدها واضحة فى تصريحات رئيس نادي الزمالك بأنه يقف على الحافة هذه الايام .

ويقترب من إعلان الإفلاس لامتناع الشركات الراعية والمتعاقد معها عن الوفاء بما تقتضيه العقود وهو ما يضع ليس الزمالك وحده، بل الأندية الاخرى فى أوضاع بائسة للغاية ، يصعب احتمالها إذا استمر توقف النشاط الرياضي. وعلى الجانب الاخر تمتنع شركات التسويق عن تنفيذ ما تمليه عليها عقودها مع الاندية والاتحادات ، بسبب فساد السلعة وهو مصطلح تجاري يرمز إلى توقف المباريات والنشاط .

وهذه الشركات تدفع مقابل الدعاية والإعلان على قمصان اللاعبين في الملاعب في ظل تدفق النشاط والمنافسات . وهكذا تدور الفوضى حول الجميع وتدفعهم الى التفتيش عن قانونية مخالفة العقود، ربما حسب القول الشهير {مجبر أخاك لا بطل}.

الجميع يبحث عن فسخ العقود ولكن بالقانون حتى لا يقع تحت طائلة القانون! فنجد اللاعبين يبحثون عن ثغرات تتيح لهم التخلص من عقودهم، وهم يعلمون ان الاندية تدرس وسائل للضغط عليهم لتخفيض قيمة تعاقداتهم بالقانون وبالتراضي ، وشركات التسويق التي توقفت تقريبا عن الدفع تحاول الإبقاء على شعرة معاوية على أمل صدور قرار مفاجئ باستئناف المباريات، وتسعى للبحث عن دفوع قانونية تبطل العقود لتقليل الخسائر المتراكمة .

الموقف معقد بشدة في معادلة الرياضة المصرية ، والدولة من جانبها لا تبحث عن حلول جادة ، بسبب الضغوط من جانب جماعات الألتراس التى فرضت نفسها كطرف قوي وفاعل في حسم الموقف، وفى ظني ان أطرافا سياسية تسعى لاستقطاب هذه الجماعات لتستخدمها في مواجهات قادمة مثل الانتخابات النيابية، ولتذهب الرياضة الى زوايا النسيان.

Email