من بعيد

في بيتنا «فيفا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بات الاتحاد الدولي لكرة القدم ضيفاً ثقيلاً على الكرة المصرية في الآونة الأخيرة بصورة واضحة، وهو ما يعكس حالة الارتباك الشديدة ليس بسبب حادث استاد بورسعيد وما تلاه من تداعيات بل من قبل ذلك، ولعل الأزمة الحالية حول انتخابات الاتحاد تعكس بجلاء تعارض قانون الرياضة الصادر من الدولة عام 1977 مع لوائح الاتحاد المعتمدة من «فيفا» قبل عدة أسابيع، وبعيداً عن الجدال السلبي الذي يهز أركان الشارع الرياضي حول الرسائل الواردة من «فيفا» وتوصيفها من البعض بأنها تدخلات تهتك سيادة الدولة على مؤسساتها الرياضية، فإن المشكلة القائمة لا مفر من تسميتها بالتدخل الحكومي في شؤون الكرة المحلية.

فالقانون المحلي يمنع استمرار العضو لأكثر من دورتين انتخابيتين بما يوازي 8 سنوات، وهو نفس النص الوارد في لائحة الاتحاد الموثقة من «فيفا»، ولكن المشكلة تفجرت عندما لجأ أحد المتنافسين إلى لجنة الطعون التابعة للاتحاد ويتولاها قضاة من وزارة العدل، والذين قرروا منع المرشح لمنصب الرئاسة هاني أبو ريدة لاستنزافه المدة وهي دورتان، وهو ما ينافي الواقع لأن الأخير قضى دورتين بالفعل ولكن إحداهما بالتعيين وهو ما لا يقبله الاتحاد الدولي ولا يعترف به، ولذلك بادر «فيفا» بإصدار قرار وافقت عليه لجنة الاتحادات الأهلية الدولية، والقرار موجه إلى العضو المستبعد، بالاحتكام إلى أي من: الجمعية العمومية أو المحكمة الدولية الرياضية، لحسم مسألة مشاركته في الانتخابات.

قرار الاتحاد الدولي جاء أشبه بالبركان العاصف ليثير غضب المعارضين للمرشح المثير للجدل أبو ريدة، واللافت أنهم ليسوا أعضاء في الجمعية العمومية، ومعارضتهم إعلامية في الأساس، وانهالوا بالاتهامات ضد تدخلات «فيفا» ووصفوها بالمنحازة والهادمة لمبدأ العدالة بين المواطنين، أما أعضاء الجمعية العمومية أصحاب الأصوات، فقد أعلن 163 منهم تأييدهم للمرشح، وتقدم 58 منهم بطلب عاجل لانعقاد جمعية عمومية تصدر قرار بصحة ترشحه وخوض سباق الرئاسة، وفي نفس السياق شدد المنافسون معارضتهم، وتعهدوا باللجوء للمحكمة الرياضية الدولية، مطالبين بمساواة دورة التعيين مع دورة الانتخاب وبالتالي استبعاد ابوريدة.

الحكاية تعكس عدم تفهم القضاة في لجنة الطعون المصرية لممنوعات الاتحاد الدولي، فهم اعتبروا أن المرشح استكمل مدته القانونية بدورتين في عضوية الاتحاد، ولم يلتفتوا إلى عدم اعتراف «فيفا» بما يسمى بالتعيين، وبالتالي فإنه قضى 4 سنوات فقط، ومع ذلك لم يصدر فيفا» قراراً مستبداً باعتماد صحة ترشيح أبوريدة، بل وجه بالعودة إلى الجمعية العمومية أو التصعيد إلى المحكمة الرياضية الدولية والتي يطلق عليها «كاس»، ويرى الاتحاد الدولي أنه يحمي استقلالية الاتحادات الأهلية في جميع دول العالم ويتصدى لكل محاولات التدخلات الحكومية حتى لو أدى الأمر إلى إصدار عقوبات موجعة كالحرمان من المشاركات الخارجية.

القضية تتصاعد بسبب عدم فهم الإعلام الرياضي والميل إلى الإثارة على حساب الموضوعية، ما يهدر التطبيق القانوني السليم، وللأسف فإن الرياضة المصرية تعاني من الصور المقلوبة وتدخل المشجعين في الإدارة واستخدام منطق الصوت العالي والتخويف والترهيب وهذا بالضبط ما يدور حول انتخابات اتحاد الكرة.

Email