من بعيد

رجل ترك بصمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

رحل محمود الجوهري بعد صراع سريع مع المرض في العاصمة الأردنية عمان ليسود الحزن عشاقه ومريديه، ويبكي الجميع بكل الألم والأسى على رحيل هذا الرجل الذي أسعد كرة القدم المصرية وأيضاً أحزنها وكان وراء التأهل لبطولة كأس العالم 1990 ثم سجل اسمه بحروف من ذهب فى الفوز بكأس افريقيا في بوركينا فاسو عام 1998 وأول من وضع أساس نظام الاحتراف عام 1991 ، والحقائق تقول ان الجوهري كان صفحة بارزة في تاريخ الرياضة المصرية ورغم ذلك لم يجد البيئة المناسبة عندما تولى منصب المخطط الفني في اتحاد الكرة وقوبلت احلامه في التطوير بالرفض والسخرية، ولن أنسى كلماته معي قبل ثلاثة أعوام: لا كرامة لنبي في وطنه سأعود مرة اخرى الى الاردن الشقيق فهم يقدرونني ويملكون إرادة التغيير للأفضل.

وبصمات الجوهري تجدها واضحة في كل دولة قدم فيها بعض خبراته، ودولة الإمارات كانت واحدة منها، وأتذكر أنه تولى تدريب فريق نادي الشارقة عام 1985 ولمدة موسم واحد فقط وضع فيه أسس تغيير مقومات الفريق وضخ دماء جديدة، وعاد الى القاهرة ملبياً نداء ناديه الاهلي، ثم ظهر مرة اخرى عام 1995 مدرباً لنادي الوحدة ووصل بالفريق الى نهائي الكأس لكنه خسر امام الاهلي وللمصادفة كان تلميذه محمد ابو العز مدرباً للاهلي .

ولم تنقطع علاقة الجوهري بالكرة الإماراتية وهنا اذكر واقعة كنت مشاركا فيها بعد انتهاء عملي فى دبي ، ففي عام 2001 اقترحت على الصديق احمد عيسى نائب رئيس اتحاد الإمارات لكرة القدم في ذلك الوقت ، ترتيب مباراة ودية مع منتخب مصر ، ووجدت كل ترحيب من يوسف السركال رئيس الاتحاد ، وسمعت من احمد عيسى ان الاقتراح اذا تحقق ستكون المرة الاولى التي يلعب فيها منتخب الإمارات في استاد القاهرة العملاق.

وتوجهت الى الكابتن الجوهري وطرحت عليه الامر ووجدت الترحيب اللازم واذكر انه طلب ان يكون الاتفاق بشكل مباشر بين الاتحادين دون وسطاء منعاً لتشويه العلاقة المتينة بين البلدين الشقيقين، وحضر احمد عيسى الى القاهرة والتقى مع الجوهري في مكتب مدير المنتخب سمير عدلي وتم الاتفاق على اقامة المباراة يوم 31 يناير وتسجيلها لدى الاتحاد الدولي كمباراة دولية وكافة التفاصيل والبروتوكولات ، وتابع الجوهري كل ترتيبات الزيارة وحرص على اقامة حفل كبير لتكريم بعثة الامارات واعضاء الاتحاد ، كما وافق على حضور لاعبي مصر الحفل الذي اقامته سفارة الإمارات ، وتركت الزيارة انطباعا ايجابيا في القاهرة وكانت مقدمة لتبادل الزيارات بين الفرق الرياضية للبلدين.

وفي ظني ان طموحات الجوهري لم تجد اذانا صاغية في وطنه، وهو شأن الاصلاحيين في كل مجال لكن حزنه كان عميقا بسبب التجاهل غير المبرر الذي قوبل به من قيادات الرياضة المصرية ، اما المفارقة الكبرى فقد تمثلت في انه لم يلق تكريما عن مجمل انجازاته ، والتكريم الاعظم وجدته في دموع ومشاعر محبيه ليس في مصر بل في الوطن العربي لعله عزاء عن افتقاده للوفاء طوال مشوار رحلته الرياضية .. رحمه الله.

Email