من بعيد

سيادتك «مُحلل» انتخابات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في إشارة مرور بأحد شوارع مصر الجديدة لمحته يضع يده على جبينه مهموما، سألته: حضرتك تعبان؟ فقال لي إجابة لم تخطر على بالي، قال: أنا مش شايف حاجة؟ انتبهت له فهو يقود سيارته ولا يرى فطلبت تقديم المساعدة، فنظر إلي تائها وعينيه تنظر إلى لا شئ، وقال: اشعر أني في غيبوبة ولا أفهم ما يدور حولي بسبب الانتخابات، قالها حزينا ثم انطلق مبتعدا بسيارته وأنا مشفق عليه وعلى المصريين الذين فارقتهم الابتسامة وروح المرح بعد أن تحولوا إلى بقايا بشر لا يملكون من أمرهم شيئا مستسلمين لمن بيدهم الأمر في ميدان التحرير.

لا يخلو بيت من حالات الاكتئاب السائدة الآن بعد أن ساءت الأحوال المعيشية وتقلصت الموارد وانقطعت الأرزاق، غاب الضحك عن الجميع المنهمكين بمشاهدة مرتزقة النشطاء السياسيين والفئة الجديدة التي ظهرت وتحمل لقب " محلل انتخاب" في الفضائيات المتطايرة، نتطلع مشدوهين إلى براعتهم في الكذب والتضليل وإخفاء الحقائق وفقا للأهواء الفاسدة، توقف النشاط الرياضي الذي طال كثيرا أظن انه سيعود قريبا، وإغلاق القنوات الرياضية واحدة تلو الأخرى، وإيقاف استوديوهات تحليل المباريات بكل ما يعنيه من طرد المئات وتشريد العائلات وانقطاع الموارد، كان الضربة القاضية التي وجهتها الثورة المصرية للرياضة المصرية، فقد تحول الناشطون المتسلقون إلى محللين للانتخابات يلوكون أسرارها ويفسرون ألغازها بوضع السم في العسل ورفع ضغط الدم في شرايين الملايين.

نعيش أتعس وأسوأ أيامنا مشغولين على مستقبل البلد وأولادنا دون بارقة أمل في الأفق لمصالحة تعيد التوازن النفسي، وفى ظني أن هذه الثورة كشفت عن أسوأ ما في المصريين، الكراهية والانتقام والتشفي والحقد وتصفية الحسابات دون العمل على مستقبل افضل، واضحك على اتحاد كرة القدم عندما حدد يوم 24 يوليو موعدا لاستئناف النشاط الرياضي، وأقول لنفسي : هل هذا وقت مباريات الكرة؟ دعونا نعيش الاكتئاب ونستمع إلى محللي الانتخاب.

Email