من بعيد

مفاجأة «الشاطر»

ت + ت - الحجم الطبيعي

منعطف جديد أشد قسوة تعيشه الحركة الرياضية المصرية منذ أيام قلائل، مع المفاجأة التي فجرتها «الجماعة» بترشيح خيرت الشاطر لسباق رئاسة الجمهورية المحتدم بقوة، فقد ازدادت القبضة الأمنية تشدداً وتعنتاً في رفض أقامة مباريات رياضية دون نقاش، وتمثَّل ذلك في مباراة الأهلي مع فريق البن الإثيوبي ضمن بطولة أفريقيا.

دخول الشاطر إلى الحلبة أشعل الشارع، وأيقظ النعرات النائمة، وأعاد ترتيب الأولويات، ليصبح الوضع الأمني في الصدارة، الأمر الذي تنتفي معه الحاجة إلى إقامة مباريات رياضية، حتى لو بدون حضور جماهيري، والمثال كان واضحاً خلال الأيام الماضية، فقد عانى النادي الأهلي الأمرَّين من أجل الحصول على موافقة أمنية، ولكنه تلقى مرتين متتاليتين، ردوداً سلبية كادت تؤدي إلى انسحابه من البطولة، وتعرضه، بالتالي، إلى عقوبة الحرمان من المشاركة 3 سنوات.

ولم ينقذ الموقف سوى ضوء أخضر من المجلس العسكري بإقامة المباراة تحت حمايته بدون جماهير، وهنا التقط الوسط الرياضي أنفاسه، وفى ظني أن الأجواء الملتهبة في الشارع منذ أعلان الدفع بالشاطر إلى غمار السباق، وضع الأمن في موقف الاستنفار، ولم يعُد متحمساً لتأمين النشاط الرياضي، خاصة كرة القدم، في ظل الانفلات الكامل للمشجعين الذين يطلقون على أنفسهم «ألتراس» ويعتصمون في قلب القاهرة منذ عشرة أيام دون مبرر يقنع المتعاطفين معهم.

ولا يتصور المتابعون، ونحن نؤيدهم، إمكانية عودة النشاط الرياضي في مصر إلى ما بعد شهر رمضان، فالشروط التي حددتها وزارة الداخلية لاستقبال الملاعب للمباريات شديدة الصرامة، وتقترب من مواصفات الفيفا، وهي بالقطع غير متوفرة، وتحتاج إلى كلفة مادية لتنفيذها، وكما ذكرنا فإن الرياضة لم تعد في صدارة الأولويات.

والمخاطر التي تواجه الرياضة المصرية لا تقتصر على حراسة الملاعب، بل تشمل التغلغل داخل مجالس إدارات بعض الأندية من جانب «الأخوان»، وهو أمر بدت مؤشراته واضحة في واحد من أضخم الأندية كثافة ومساحة، نادي الشمس، الذي يقع في منطقة مصر الجديدة الراقية، ومع ذلك حصل الإسلاميون على جميع مقاعد الإدارة، وقرروا إلغاء الأنشطة الرياضية للفتيات، كالسباحة والجمباز وألعاب القوى والفرق الجماعية، غير مكترثين باعتراضات الأعضاء، ولم تتدخل الجهة الإدارية منعاً لتضخيم الأزمة.

ولا يمكن أن تنفصل الرياضة عما يدور في الشارع من مخاض سياسي واجتماعي، فالجميع في خندق واحد، والمشهد واحد لا يتجزأ، وتبقى الحركة الرياضية المصرية بتاريخها وريادتها وعراقتها ضحية لما يحدث وفى مهب الرياح، والصورة ليست وردية في كل الأحوال، في ضوء توالي المفاجآت.

Email